"حكايات فلسطينية": سيرة تربويٍّ قبل الاحتلال

31 اغسطس 2024
حفل تكريم ووداع علي شعث مدير مدرسة العامرية في يافا عام 1947 (حكايات فلسطينية)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في عام 1947، استقال علي رشيد شعث من منصبه كمدير لمدرسة العامرية في يافا احتجاجاً على السياسات البريطانية، وانتقل إلى الإسكندرية لتأسيس أول فرع للبنك العربي هناك.
- معرض "حكايات فلسطينية" في عمّان يسلط الضوء على حياة شعث ومسيرته في التدريس والمصرفية، ويعرض مؤلفاته التي تتناول الأدب وتاريخ العلوم.
- الباحثة سمر دويدار تعمل على أرشيف شعث منذ 2019، الذي يحتوي على وثائق وصور تعكس الحياة الاجتماعية في فلسطين قبل عام 1948.

في عام 1947، قدّم علي رشيد شعث استقالته من موقعه مديراً لمدرسة العامرية في يافا، احتجاجاً على فصل السلطات البريطانية بعض الطلبة الفلسطينيّين، وتوجيه عقوبات لعدد من المعلّمين بسبب مشاركاتهم في مظاهرات ضدّ الاستعمار، لينتقل بعدها إلى الإسكندرية من أجل تأسيس أوّل فرع لـ"البنك العربي" فيها.

مرحلةٌ جديدة في حياة التربوي والكاتب الفلسطيني علي رشيد شعث (1908 - 1967)، الذي وُلد لعائلة غزّية أقامت في القدس حيث تعلّم في مدارسها، ثم تخرّج من كلّية العلوم في "الجامعة الأميركية" ببيروت، وهو المسار الذي يتناوله معرض "حكايات فلسطينية: ذاكرةٌ تقاوم النسيان" في "بيت الذاكرة - شبكة متاحف القدس" بعمّان، الذي افتتح أمس الجمعة ويتواصل لثلاثة أيام.

يضيء المعرض جوانب متعدّدة من شخصية عملت في التدريس قرابة ثمانية عشر عاماً في عدد من مدن فلسطين، قبل أن يتوّجه إلى العمل المصرفي بين مصر والأردن والسعودية ويمضي فيه زهاء عقدين، من دون أن يتخلّى عن شغفه بالأدب وتاريخ العلوم؛ حيث ترك مؤلّفات عدّة، هي: "طرائف العلماء" و"من البنسلين الى القنبلة الذرّية" و"اتجاهات جديدة في صراعنا مع إسرائيل"، بحسب ما أورده خير الدين الزركلي في كتابه "الأعلام"، كما سنجد اسمه مع مؤلّفين آخرين على منهاج أصول الحساب الحديث التي أقرّتها دائرة المعارف في فلسطين الانتدابية خلال الأربعينيات.

طابور الصباح في المدرسة العامرية (من المعرض)
طابور الصباح في المدرسة العامرية (من المعرض)

يتضمّن المعرض مجموعة مواد تعمل عليها حفيدة الراحل، الباحثة والكاتبة المصرية سمر دويدار، منذ عام 2019، حيث تسلّمت أرشيفه من والدتها الفلسطينية، هو يحتوي أكثر من 300 رسالة ووثيقة و600 صورة عائلية. وتكمن أهمّية هذا الأرشيف في استعادة فترة مهمّة من التاريخ الفلسطيني قبل الاحتلال الإسرائيلي، من خلال وصف شعث مظاهر الحياة الاجتماعية في القدس ويافا وغزّة وصفد آنذاك، وكذلك تناوله لرحلاته إلى إيطاليا والولايات المتّحدة.

يُضيء مظاهر الحياة الاجتماعية في القدس ويافا وغزّة وصفد قبل 1948

وتعكس الرسائل أسلوباً أدبياً مميّزاً ينتمي إلى تلك الفترة التاريخية في تنويعاته اللغوية وتوظيف السخرية أحياناً، وإبراز الحنين إلى العمل التربوي والتعليمي، وكذلك استخدام عبارات ومجازات تشير إلى سعة ثقافة صاحبها واطّلاعه على الموسيقى والسينما.

يدوّن شعث في رسالة إلى زوجته سميحة التنير، مؤرّخة في السابع والعشرين من آذار/ مارس 1955، بعد غيابه عن فلسطين نحو ثمانية أعوام: "نعم.. ها أَنَذَا أعودُ يا سميحةُ إلى وطنِي الحبيبِ بعدَ أن غِبتُ عنهُ حِقبَةً طويلَةً تكادُ تبلغُ التِّسْعَ سنواتٍ عَصَفَتْ خِلاَلَهَا بهِ العواصفُ العاتِيَة.. نعم ها أَنَذَا أعودُ إلى وطني المجزأ المُحَطَّمِ، الذليلِ المُثْخَنِ بالجراحِ لأراهُ حزينًا، مُنَكَّسَ الرأسِ بعدَ أن جرَّدَهُ عدوُّنا من يافا واللِدّ والرَّمْلَة وصَفَدْ وحيفا والناصرة – مَرَابِعِ الطفولةِ ومسارحِ الشباب.. فما أَشَدَّ مرارةَ عودَتِكَ يا عليّ! وما أقساها على نفسِكَ التي كثيرًا ما مَنَّيْتَهَا بيومِ النصرِ وساعةِ الخلاصِ والتحرُّر".

ضمن مبادرة مصرية فلسطينية أطلقتها في نهاية 2019، تسعى سمر دويدار إلى توثيق الحياة الشخصية والعائلية، والاجتماعية والثقافية والاقتصادية لسكّان فلسطين ما قبل عام 1948، حيث يمكن الاطلاع عليها في موقع إلكتروني باسم "حكايات فلسطينية" www.palestinianstories.com، جرى تصميمه على شكل أنشطة تفاعلية ومواد إعلامية حيّة مرئية ومسموعة، يشتمل عليها المعرض الذي يحمل اسم المبادرة.

تستعيد الوثائق ذكريات شعث عن المقاومة الفلسطينية للمشروع الصهيوني والاستعمار منذ العشرينيات، وعن انتقال عائلته من غزّة - مسقط رأسه - إلى القدس، وعن عمله معلّماً، وفي المناصب الإدارية التي تولّاها في جهاز التعليم الفلسطيني، بالإضافة إلى زواجه، كما تعرض الصور لقطات من عمله مدرّساً، ورحلاته مع الطلبة، وحفلات التخرّج، وحفل زواجه وشهر العسل الذي قضاه مع زوجته في الإسكندرية، وغيرها.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون