حسن قرنفل: من يحصد "أصوات الفقراء"؟

08 مايو 2021
ماحي بينبين/ المغرب
+ الخط -

قد يبدو عنوانُ كتاب الباحث والأكاديمي المغربي، حسن قرنفل، رومانسياً للوهلة الأولى، خصوصاً ألّا عنوان فرعياً يُشير إلى موضوع العمل الذي تصدّرَت غلافَه لوحةٌ تشكيلية بالألوان الزيتية تُسهِم في تعزيز الانطباع ذاته. غيرَ أنَّ "أصوات الفقراء" المقصودة هنا هي الأصوات الانتخابية التي تُحيلنا إلى حالةٍ سوسيوسياسية تتمثّل في ذلك الارتباط الخفيّ، والجليِّ أحياناً، بين ظاهرة الفقر والانتخابات، خصوصاً في بلدان "العالَم الثالث".

يُشير قرنفل، في مقدِّمة العمل الصادر حديثاً عن "دار أبي رقراق للطباعة والنشر" ضمن سلسلة "بحوث ودراسات"، إلى أنَّ الفقراء هُم أكثر الفئات الاجتماعية تأثُّراً بالسياسات الحكومية، وقوانين المالية، والمخطَّطات الاستراتيجية الكبرى؛ حيث يرتبط مصيرهم ومصير أبنائهم بما بالقوانين والإجراءات التي تسنُّها الدولة لتحسين وضعيتهم الاجتماعية، مضيفاً أنَّ الأحزاب السياسية تهتمُّ بهم لكونهم يُشكّلون أعداداً كبيرة من الأصوات.

انطلاقاً مِن ذلك، يبحث المؤلِّف في تأثير الفقر على توجيه التصويت، متسائلاً عمّن يحصل على أصوات الفقراء في المغرب، وعن مدى استفادة الأحزاب التي ترفع شعارات المساواة والعدالة الاجتماعية والتضامن الاجتماعي من أصواتهم، وما إذا كانوا ينتخبون في اتجاه واحد، أم ينتخبون حسب معطيات لا علاقة لها بالأحزاب السياسية ومضامين برامجها.

تهتمُّ الأحزاب السياسية بالفقراء لكونهم يُشكّلون أعداداً كبيرةً من الأصوات

يتوزّع الكتاب بين ستّة فصول؛ يُقدِّم أوّلُها، "الفقر: محدّدات ومعطيات"، إضاءة نظرية حول الموضوع، من خلال استعراض جملة من التعريفات والمؤشّرات والتصنيفات الدولية الخاصّة بالفقر، مفرِّقاً بين "الفقر الموضوعي" الذي تكشف عنه المؤشّراتُ الوطنية والدولية و"الفقر الذاتي" الذي يعني شعور الأفراد بالانتماء إلى فئة الفقراء، حتى وإن كانت المؤشّرات لا تُصنّفهم ضمنها.

وينتقل قرنفل في الفصل الثاني، "نظريات في السلوك الانتخابي"، إلى الشقّ المتعلِّق بالانتخابات؛ مُستعرضاً عدداً مِن أبرز النظريات التي تناولت السلوك الانتخابي وحاولت تفسيره، ومتسائلاً عمّا إذا كانت الدراسات المتوفّرة في الموضوع قادرةً على تفسير السلوك الانتخابي في المغرب؛ موضوعِ الدراسة.

وتحت عنوان "الفقراء والسياسة"، يتناول الفصل الثالث طبيعة العلاقة بين الفقراء والسياسة، مُسلِّطاً الضوء على تأثير وضعية الفقر على مواقف الفقراء السياسية، ومدى انخراطهم في الحياة السياسية، وما هي الأحزاب التي تستقطبهم.

أصوات الفقراء - القسم الثقافي

وفي الفصل الرابع، "الجماعة وأدوارُها"، يتناول الباحث أدوار الجماعة الجديدة وصلاحياتها وأعضاء مكتبها وطبيعة عملها، في حين يُخصّص الفصل الخامس، الذي يحمل عنوان "تحليل الانتخابات الجماعية لشتنبر 2015"، لتحليل الانتخابات الجماعية والجهوية التي شهدها المغرب في أيلول/ سبتمبر 2015، متوقّفاً عند جوانب مختلفة منها؛ مثل الترشيحات والحملات الانتخابية والشعرات والنتائج.

ويُحلِّل الفصل السادس والأخير، "تصويت الفقراء"، بشكل تفصيلي مشاركة الفقراء في مختلف جهات البلاد في الانتخابات، مع التركيز على الجماعات القروية الأشدّ فقراً، في محاولة لفهم سلوكهم الانتخابي وتأثُّرهم بالحملات الانتخابية وبرامج الأحزاب السياسية.

يُذكَر أنّ حسن قرنفل يعمل عميداً لكلية الآداب والعلوم الإنسانية قي "جامعة شعيب الدكالي" بالجديدة، ومن إصداراته السابقة: "النخبة السياسية والسلطة"، و"المجتمع المدني والنخبة السياسية"، و"الشغل بين النظرية الاقتصادية والحركة النقابية"، و"أهل فاس، المال والسياسة"، و"الفقر من الإحسان إلى التنمية البشرية".

المساهمون