أُعلن مؤخراً عن بدء ترميم عدد من المعالم التاريخية في مدينة الموصل العراقية، ومنها مسجد النوري الكبير، ومنارة الحدباء، وجامع الرابعية، وكنيسة السيدة الطاهرة، وكنيسة الساعة، ومدرسة الإخلاص، والذي سيستغرق ما بين عامين إلى ثلاثة اعوام.
وفي هذا السياق، انطلقت أعمال المرحلة الأولى لإعادة إعمار وترميم جامع الرابعية في حيّ السرجخانة، في الجزء القديم من المدينة الذي يجتوي أكثر من ثلاثمئة مبنى يعود بناء معظمها إلى مئات السنين، بدعم من "منظمة أليف الدولية" وإشراف وزارة الثقافة.
وتأتي ورشات إعادة تأهيل هذه المعالم بعد تعرّضها إلى التخريب خلال الفترة التي شهدت فيها الموصل معارك عنيفة مع تنظيم "داعش" وانتهت عام 2017، إلا أن العديد من المواقع التراثية في المدينة وغيرها من المدن العراقية لم تخضع لعمليات ترميم طوال الفترات الماضية.
وتشمل أعمال المرحلة الأولى من ترميم جامع الرابعية "عزل قطع الفرش المرمرية وترقيمها وحفظها تمهيداً لاعادتها إلى أماكنها أثناء الإعمار، إضافةً إلى أعمال ترميم للقبة وعمل مجسات لأسس المصلى وأخذ عينات منها لغرض فحصها للحصول على معلومات عن مدى مقاومة التربة والأسس في المستقبل وإيجاد الحلول المناسبة".
افتقار المواقع التراثية إلى الوثائق التاريخية الخاصة بحالته الأصلية وبأعمال الحفاظ المعماري التي أُجريت عليها
مسألة أساسية تواجه عمليات حفظ التراث في العراق، وتتمثّل في افتقار المواقع التراثية إلى الوثائق التاريخية الخاصة بحالتها الأصلية وبأعمال الحفاظ المعماري التي أُجريت عليها، ومنها جامع الرابعية الذي أغلق في سبعينيات القرن الماضي لحدوث تصدعات وأضرار كبيرة في أجزاء منه نتيجة عوامل طبيعية وبشرية، بعدما قامت مديرية أوقاف نينوى بمحاولة إجراء أعمال الصيانة والترميم، لكنها لم تتمكن من الاستمرار.
يشير أستاذ العمارة بهناز محيي الدين، في دراسة نشرها في "مجلة المخطط والتنمية" عام 2012، إلى أن الجامع ظلّ مهجوراً حتى عام 1992، حين أعيد إجراء مسح معماري بالتعاون مع مهندسين ومؤرخين وبنائين في الموصل. وبسبب عدم وجود شركات متخصصة في أعمال الترميم، أنشئت وحدة مشتركة بين مديرتي الآثار والأوقاف في المدينة للبدء في تأهيل المكان.
ويوضّح محيي الدين أن أعمال الترميم والصيانة جرت بالاعتماد على كوادر غير متخصّصة وغير مدربة، واستخدمت مادة الكونكريت، ما أدى في النهاية إلى تشويه وفقدان معالم المبنى المعمارية والتاريخية.
يُذكر أن جامع الرابعية شيّد عام 1766 واحتوى على مصلى زينت جدرانهُ بحجر المرمر الأزرق، لا سيما المنبر والمحراب، مع كثرة النقوش والزخارف المحيطة بالمحراب، إلى جانب مدرسة لتعليم القرآن والحديث والفقه عُرفت بـ"المدرسة العثمانية.