جاذبية سرّي.. استعادة بعد عام على الرحيل

20 أكتوبر 2022
من المعرض
+ الخط -

في عام 1938، تأسّس "المعهد العالي للفنون الجميلة للمعلّمات" في القاهرة على يد الجيل الأوّل من الفنّانات المصريات اللواتي تلقّين تعليماً أكاديمياً منتظماً منذ العشرينيات، وسيكون لخريّجات المعهد دور مهمّ في تطوير المشهد التشكيلي المصري، سواء على صعيد الموضوع أو التقنيات.

من أبرز هؤلاء الخرّيجات كانت جاذبية سرّي، التي قدّمت منذ نهاية الأربعينيات لوحاتها الأولى، في مرحلة بدأت فيها المرأة تنال حقوقها في التعليم والمشاركة في الحياة السياسية، فشكّلت تلك القضايا محور اهتمام الفنانة إلى جانب نقد النظام الأبوي والاستعمار.

يُفتتح عند السايعة من مساء الأحد المقبل، في "مجمع الفنون، قصر عائشة فهمي" بالقاهرة، معرض استعادي للفنانة التشكيلية المصرية (1925 – 2021)، يتواصل حتى الثالث والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى على رحيل سرّي.

من المعرض
من المعرض

يضم المعرض حوالي تسعين عملاً، بما يمثّل كافّة مراحل تجربتها الفنية على امتداد سبعة عقود، وقد تمّ تجميع الأعمال من مقتنيات "قطاع الفنون التشكيلية" في وزارة الثقافة المصرية، ومقتنيات "الجامعة الأميركية" بالعاصمة المصرية، إلى جوار عدد من المقتنيات الخاصّة، منها مجموعة من الاسكتشات وأعمال الطباعة ورسومات مائية.

في المرحلة الأولى من أعمال سرّي، تبرز النزعة الواقعية، حيث رسمت شحصيات وأحداثاً من الحياة اليومية في المجتمع المصري، في إظهار للتفاصيل وتوظيف للخطوط والزخارف. وشكّلت البيئة الشعبية والمناظر الطبيعة أساس تلك الأعمال، حيث التركيز على البيوت المتراصّة ومعمارها ولهْو الأطفال في الحارات والجموع المحتشدة في الساحات والشوارع.

في مرحلة لاحقة، توجّهت الفنانة إلى لوحة تمزج بين التشخيص والتجريد، عبر رسم الأشكال الهندسية، والاهتمام أكثر بالبعد الدرامي للشخصيات وحركتها، مع ميل إلى تقديمها بأسلوب كاريكاتوري أحياناً، في أعمال كبيرة الحجم غالباً يطغى فيها اللون على بقية العناصر.

بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967، قدّمت شخصياتها متّحدة ومتداخلة مع البيوت المهدّمة، كأنهم سجناء هذا الحطام، وظهرت البيوت أحياناً كأخيلةِ بشر فقدوا قدرتهم على الحراك، وتحطّمت أحلامهم في مشهد الخراب، لتنتقل بعد ذلك إلى رسم الصحراء التي استحوذت على اهتمامها حتى رحيلها.

لا تبدو الصحراء فضاء واقعياً في تلك اللوحة، بل مساحة لونية حارّة تتلاطم فيها أمواج الرمال وكأنها تعبّر عن مخاض أليم أو تيه شاسع أو مناخات من القلق والصخب بدلالات متعددة، كما تُحيل إلى هروب سرّي من المدينة إلى فضاء أكثر رحابة مهما بلغت قسوته.

المساهمون