رغم تأكيد الخطاب الرسمي في الجزائر على أهمية المخطوطات وضرورة الحفاظ عليها، إلّا أنّ ما جرى تحقيقه ورقمنته لا يشكّل إلّا نزراً يسيراً من التراث الجزائري المخطوط، والذي تتوزّعه مكتبات عمومية وخاصّة، ما يجعل كثيراً من المخطوطات عرضةً للضياع أو التلف؛ مثلما حدث في خزانة عائلية بمدينة أدرار، جنوبَي البلاد، تضمّ قرابة ألفَي مخطوط، تسبَّبٌ حريقٌ اندلع فيها عام 2021 في إتلاف محتوياتها، وهو ما تكرّر مطلع هذا العام؛ حين أدّى حريقٌ نشب في خزانة عائلة بمدينة إن صالح (جنوب) إلى إتلاف قرابة 1800 مخطوط وكتاب ووثيقة تاريخية لم يُرقمَن إلّا جزءٌ صغير منها.
"التراث الجزائري المخطوط واقعه وسبل الحفاظ عليه" عنوان ملتقى وطنيّ تُنظّمه، اليوم الخميس، "المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية محمد ديب" في مدينة تلمسان غربَي الجزائر بالتعاون مع "مخبر جمع وتوثيق الشعر الشعبي الجزائري من العهد العثماني حتى القرن العشرين" في جامعة تلمسان، ضمن فعاليات "شهر التراث" (18 نيسان/ أبريل - 18 أيار/ مايو) الذي يُقام هذا العام تحت شعار "التراث الثقافي الجزائري وامتداداته الأفريقية".
يهدف الملتقى، حسب ورقته التقديمية، إلى "التعرّف إلى أنواع المخطوطات ومضامينها الفكرية، وعلوم المخطوطات والعلوم المكمّلة لها، وأهمّ المجالات العلمية التي تضمّنتها المصنّفات في المخطوطات، وواقع المخطوطات وضروريات العناية بها"، إلى جانب "دفع البحث العلمي نحو مزيد من العناية بها".
ومن المحاور التي يتناولها المحاضرون: مناهج تحقيق المخطوط، وخزائن المخطوطات رصداً وتوصيفاً، والجهود البحثية في دراسة والتحقيق المخطوطات، وحظّ تحقيق المخطوطات من الإنجاز في الجامعات والمراكز البحثية، وفهرسة المخطوطات ومناهجها، وتقنيات ووسائل الحفاظ المادّي على المخطوطات معالجةً وترميماً.
تتوزّع أوراق الملتقى، الذي تنطلق أشغاله عند التاسعة صباحاً، بين ثلاث جلسات؛ تضمّ الأُولى ستّ أوراق هي: "في منهج تحقيق المخطوط" لعبد الحق زريوح، و"التراث المخطوط لمنطقة معسكر بين الفهرسة والتحقيق" لعبيد بوداود، و"الوصف الديكولوجي للمخطوط وأهميته في الفهرسة والتحقيق" لقويدر قيداري، و"مكتبات المخطوطات الخاصّة: معسكر أدرار نموذجاً" لـزاجية هرباش، و"فهرس المخطوطات العربية بمدرسة تلمسان" لعبد الرحمن بغداد، و"منهج عبد الحميد حاجيات في تحقيق المخطوطات: مخطوط 'الجواهر الحسان في نظم أولياء تلمسان' نموذجاً" لهوارية بكاي.
ويتحدّث في الجالسة الثانية كلّ من شعيب مقنونيف عن "الخطوط وقيمتها في مجال الكتابة التاريخية"، ورحمونة بليل عن "منوغرافية مدينة الجزائر من خلال وثيقة الأملاك المحبسة للجامع الأعظم إبان العهد العثماني"، وعبد الجليل شقرون عن "واقع فهرسة المخطوطات الجزائرية"، والهادي جلول عن "فن تحقيق المخطوط عند الطاب الجامعي"، وإكرام بن عيسى عن "دور المؤسّسات البحثية في تبنّي مشاريع التراث المخطوط وآليات حمايته: 'مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة' في الأغواط نموذجاً"، وعباس رشيد عن "منهج أبو القاسم سعد الله في تحقيق كتب تاريخ العدواني"، وإبراهيم الهلالي عن "العائلات الأدرارية ودورها في الحفاظ على التراث المخطوط لعبد الكريم المغيلي: دراسة إحصائية".
أمّا الجلسة الثالثة، فيتحدّث فيها كلٌّ من بلعربي خالد عن "إسهامات الزوايا الجزائرية في إحصاء وجرد المخطوطات: 'الزاوية الزيانية الراشيدية' في القنادسة ببشّار نموذجاً"، وعبد القادر بلّي عن "جهود المختار بوعناني في الاهتمام بالمخطوط وتحقيقه"، ومختار بزاوية عن "الأسس النظرية لتحقيق المخطوط عند المستشرقين"، ومحمد بوكفوسة عن "التراث الجزائري المخطوط من الخزانة إلى التحقيق: الحصيلة والإنجاز"، وسفيان شايدة وحمزة حسني عن "فهرسة التراث الجزائري المخطوط في الخزائن العربية: مكتبة الحرم المكّي نموذجاً"، وفريدة قدور عن "الأسس العامّة لمناهج تحقيق وإخراج نصوص المخطوطات"، ومنصورية كريم عن "إسهامات المستشرقين في الدفع بعجلة تحقيق التراث العربي المخطوط".