في مقدمة كتابها "تاريخ الأمل الزائف: لجان التحقيق في فلسطين" والتي تعنونها الباحثة لوري ألين، بـ "القانون الدولي كطريقة للوجود"، تذكر أنه وفي مايو 2018 صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على إرسال "لجنة تحقيق دولية مستقلة" للتحقيق في العنف الذي وقع في قطاع غزة في مسيرة العودة الكبرى للفلسطينيين.
فبمناسبة الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية، تظاهر آلاف الفلسطينيين حول الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، مطالبين بحقهم في العودة إلى ديارهم في فلسطين التاريخية، التي كانوا منها. فأطلقت القوات الإسرائيلية النار وقتلت ستين متظاهرا وجرحت الآلاف في الأيام التي سبقت تصويت مجلس حقوق الإنسان على إنشاء التحقيق.
تم توضيح الفرضية الأخلاقية والقانونية للجنة تقصي الحقائق لعام 2018 من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد. وقال إن اللجنة أُنشئت على أمل "أن تؤدي الحقيقة بشأن هذه الأمور إلى العدالة" وأنه "يجب في النهاية محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات".
يطرح الكتاب أسئلة حول آثار اللجان الاجتماعية والأيديولوجية الأوسع لأنها تنشر مُثُل الليبرالية من خلال مؤسسات القانون الدولي
وترى أنه مثل معظم حملات التحقيق الأخرى في فلسطين، يجري التأكيد على أهمية العلاقة بين الحقائق والمساءلة والعدالة والتغيير السياسي، لكن الخطوط التي تربطها بقيت غامضة. وتقول "تكشف الأنشطة الفعلية للجان التحقيق عن التعرجات الملتوية في الأخلاق والعمل السياسي حيث يتم توجيهها من خلال المنطق القانوني الليبرالي للحكم العالمي".
من خلال دراسة الأنثروبولوجيا والإثنوغرافيا التاريخية، يحلل هذا الكتاب، الصادر مؤخراً عن منشورات جامعة ستانفورد، كيف شكلت اللجان السياسة الفلسطينية والصراع مع الصهيونية وإسرائيل بعدة طرق، وفي مقدمتها تفعيل القانون الدولي كوسيلة أساسية وأيديولوجية السياسة. يتجاوز هذا الكتاب الاعتراف السهل بالاستخدام السياسي الساخر للجان، ويطرح أسئلة حول آثارها الاجتماعية والأيديولوجية الأوسع لأنها تنشر مُثُل الليبرالية من خلال مؤسسات القانون الدولي.
تقول ألين إن "عشرات اللجان زارت فلسطين خلال القرن الماضي. تم تشكيل العديد منها خلال فترات الأزمة لمعالجة تزايد العنف بين الفلسطينيين والصهاينة (ثم الإسرائيليين بعد عام 1948)"، وتوضح "تتكون لجان التحقيق عادةً من أكاديميين ومحامين وعسكريين وخبراء آخرين، وتفضلها الحكومات في جميع أنحاء العالم كآلية لتبدو وكأنها تضع سياسة على أساس ثابت من الحقائق. كما هو الحال في كثير من الأحيان، تصبح التقارير التي تصدرها اللجان - أحيانًا بيروقراطية ومملة، وغالبًا ما تكون مليئة بالقوانين والتكرار".
اللجان جهاز دبلوماسي نموذجي، وغير ناجح عادةً، لحل النزاع وإنتاج السياسات، فهي لم تصغ القرارات السياسية التي تم وضعها موضع التنفيذ، ولم تؤد مطلقًا إلى تنفيذ القانون الدولي، وبالتأكيد لم تقترب أبدًا من حل النزاع. ومع ذلك فقد تم إنشاؤها وإرسالها مرارًا وتكرارًا - من قبل بريطانيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة وائتلافات حكومية أخرى - للتحقيق وتقديم التوصيات. على الرغم من افتقارها الواضح إلى الفعالية السياسية، وعلى الرغم من وصفها من قبل النقاد بأنها شاشة دخان سياسي، إلا أن لجان التحقيق كانت لعقود من الزمان سمة ثابتة للمشاركة الدولية مع فلسطين.
تخلق اللجان مكانًا يمكن من خلاله إصدار أحكام حول الجدارة السياسية الفلسطينية
تذكر الكاتبة: "تؤسس اللجان مساحة تواصل ليبرالية تعطي الأولوية بشكل صريح لما يسميه هابرماس "العقلانية التواصلية" ، والتي منحها الفلسطينيون أيضًا الأولوية في تفاعلاتهم مع المحققين".
تنبه الباحثة إلى أن "الطريقة التي صاغت بها اللجان شكل ومحتوى ومضمون الخطاب السياسي حول فلسطين، وتحديد طبيعة المحادثات المصرح بها بين الفلسطينيين والقوى الغربية تؤسس أطرًا قانونية للتفاعل، إلا أن اللجان تقدم عروضًا مؤثرة، وتوفر مكانًا يمكن من خلاله إصدار أحكام حول الجدارة السياسية الفلسطينية".
يأتي الكتاب في ستة فصول؛ الأول "التماس الليبراليين: لجنة كينج كرين"، ثم "إضفاء الطابع العالمي على الأممية الليبرالية: الثورة العربية ومقاطعة لجنة بيل"، ثم "السياسة الإنسانية للمعاناة اليهودية: لجنة التحقيق الأنجلو أميركية"، ثم "تضامن العالم الثالث في الجمعية العامة: لجنة الأمم المتحدة الخاصة لحقوق الإنسان"، و"صمت الإصغاء الديمقراطي: لجنة ميتشل"، و"التحول إلى الجريمة والعقاب: بعثات الأمم المتحدة تجدد الأمل في القانون الدولي"، وفي نهاية الكتاب تقدم الكاتبة ملخصاً بعنوان "نحو أنثروبولوجيا القانون الدولي".