بيتر كينارد: الفنون البصرية في مواجهة الرأسمالية والاستعمار

18 اغسطس 2024
من المعرض
+ الخط -

علَمٌ فلسطيني ينزّ من قاعدته المثلّثة الحمراء خطّ متعرّج من الدم القاني، في "غاليري وايت شابل" اللندني، إلى جوار ملصقات وأعمال تركيبية تُدين حرب فيتنام وغزو العراق والتسلّح النووي وغيرها من القضايا التي شغلت الفنّان الفوتوغرافي والناشط البريطاني بيتر كينارد لأكثر من خمسة عقود.

يجمع الغاليري مختارات من صور وملصقات وأغلفة كُتب ومطبوعات ضمن معرض "أرشيف المعارَضة"، الذي افتتح في الثالث والعشرين من الشهر الماضي، ويتواصل حتى التاسع عشر من حزيران/ يونيو 2025.

تحتوي مساحة العرض ثلاثة معارض تُضيء التاريخ الاجتماعي والسياسي لممارسة فنية قدّمتها شخصية انخرطت في المظاهرات ضدّ التدخّل العسكري الأميركي في فيتنام، حيث تحوّل منذ بداية السبعينيات من الرسم إلى المونتاج الصوري لمعالجة آرائه السياسية بطريقة أفضل.

لم يفصل كينارد بين نشاطه السياسي، وعمله مصوّراً فوتوغرافياً لمئات من حركات الاحتجاج في بريطانيا والعالم، وموقعه الأكاديمي أستاذاً للفنّ السياسي قي "الكلّية الملكية للفنون"، وقبل ذلك في "كلّية لندن الجامعية" و"مدرسة سليد للفنون الجميلة"، والتي يُنظر إليها بصفتها مسارات متعدّدة في سياق التغيير الاجتماعي.

واحدة من أبرز القضايا التي خصّص لها مجموعة كبيرة من الأعمال، كانت الحرب الأميركية على العراق عام 2003، والتي وصفها الناقد البريطاني جون بيرجر بأنّها "صور ثابتة للحزن، وفي الوقت نفسه مليئة بسخرية التاريخ وغضبه إزاء الأخطاء التي ارتُكبت باسمه"، وتُعد نموذجاً لمواجهة الصمت، وتُذكّر بالحاجة إلى الاحتجاج.

واستخدام الفوتوشوب، قدّم كينارد عملاً عام 2003 يُبرز رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير وهو يلتقط صورة شخصية على خلفية من النفط المحترق. وبعد نحو عقدين، واصل تقديم أعمال تدعو إلى وقف فوري للحرب الإسرائيلية على غزّة، في واحد منها يضع رأس هيكل عظمي مثبّت فوق علم فلسطيني على حجر، في إشارة إلى الإبادة المتواصلة.

فنّ يُعبّر عن الضحايا والمقاومة والمجتمع الذي يقول لا

تعكس الأعمال المعروضة ممارسة بصرية فريدة من نوعها تربط بين الفنّ والسياسة لمجموعة واسعة من الجماهير، وفق رؤية تستند في جانب منها إلى "تفكيك الصور المألوفة والمنتشرة في كلّ مكان، وإعادة تصوُّرها من مقاييس ومواصفات مختلفة، من أجل الكشف عن العلاقة بين القوّة ورأس المال والحرب وتدمير كوكب الأرض، وإظهار إمكانيات جديدة تنبعث من الواقع القديم"، بحسب بيان المنظّمين.

في أرشيف كينارد، لا يمكن حصر القضايا التي يتناولها، وهو الذي اشتبك مع الواقع الذي تصبح فيه الاحتلالات والاستغلال الطبقي وتلويث البيئة والهيمنة على الفضاء العام في الغرب عوارض لأزمة واحدة، حيث يشاهد الزائر ملصقات حول الإعلام المنحاز إلى الإمبريالية وفي مقدّمته وسائل الإعلام التي يمتلكها روبرت مردوخ.

يتضمّن المعرض، أيضاً، أعمالاً يستخدم فيها الضوء والزجاج والإسقاط لاستكشاف حدود المونتاج الفوتوغرافي، بالإضافة إلى تقنيات أُخرى تتعلّق بإعادة تصنيع الصور والمطبوعات في أعمال جديدة، بوصفها تنويعات تهدف إلى سدّ الفجوة بين التعبير الفنّي والنشاط السياسي.

يقول كينارد في تقديمه للمعرض: "ينبع فنّي من الغضب، من حقيقة أنّ البحث عن الربح المالي يحكم كلّ زاوية وركن من مجتمعنا. يُخفي الربح الفقر والعنصرية والحرب وكارثة المناخ وما إلى ذلك.. يجمع 'أرشيف المعارضة' خمسين عاماً من العمل الذي يحاول التعبير عن هذا الغضب من خلال تمزيق الأقنعة عن طريق القطع والتمزيق والمونتاج والمقارنة بين الصور التي نُقصف بها جميعاً يومياً. إنّه يُظهر ما يكمن وراء القناع: الضحايا والمقاومة والمجتمع البشري الذي يقول 'لا' لسلطة الشركات والدولة. إنّه ينتقد إهدار الأرواح الناجم عن تريليونات الدولارات التي تُنفق على تصنيع الأسلحة والأرباح الهائلة التي تحقّقها شركات الأسلحة".

المساهمون