العدالة تصلي من أجلنا

29 يوليو 2014
"صبرا وشاتيلا" لـ ضياء العزاوي/ العراق
+ الخط -

الأرضُ بحاجةٍ إلى استحمام، السماءُ بحاجة إلى تقليم أظافر، والهواءُ مريضٌ. كلُّ هذا "هنا"، بينما "حضرتُـكِ" تمشّـطين شَـعرَ العدم، وترتّـبين هندامَ الفراغ.. "هناك".

*

أجهزةُ إنذارنا كلُّها معطّـلةٌ، الـ"هناك" استغلّ الفرصة جيداً، وقام باختطافكِ، بينما نحن "هنا"، منشغلون بورشةِ عمل مفتوحةٍ، منذ ستةٍ وستين عامًا، لاختيار عنوان مناسب، لقصيدة قد نرفعها إلى مقامِكِ، في عيد ميلادكِ السابع والستين.

*

الناس يفتحون، كلّ يومٍ، كوّةً جديدةً في قلبي، يمدّون رؤوسهم خلالها، ويظلون يهتفون باسمكِ، صباح مساء، وينتظرون. هم لا يعرفون أنكِ "هناك"، وأنا لا أعرفُ إلا أنني صرت مستهلكًا تمامًا، ووحيداً تمامًا، وبعيداً تمامًا.. "هنا".

*

ثـمَّة حربٌ ضروسٌ "هنا"، تعملُ بكفاءةٍ واجتهادٍ وإخلاص، لصالح الموت، وأنت لمّا تزالين "هناك"، تتأملين وجه الله، وتصلّين من أجلنا!

*

الجرائمُ الكاملة، الفجائعُ الإجبارية باهظةُ الثمن، العويلُ الذي ضاقت به السماوات والأراضين، والكثيرُ من الهدايا الربانية الأخرى، التي لم تزل تتنزَّلُ، صباح مساء، ولم تَمْتحن إيمانَنا بعدُ، إذن؛ ما الذي تنتظرينه، لتكونين بيننا، نحن محبوكِ، ومريدوكِ، وضحاياكِ.. بطبيعة الحال.

*

لم يعدْ "هنا" ما يمكنُ أن تأتي من أجله، البشرُ والحجرُ والشجرُ، كلٌّ طُبِع على جبينه: الحربُ مرَّتْ من "هنا"، إذن؛ تستطيعين البقاء "هناك" طويلاً، أو ربما إلى الأبد.

(عمّان)

المساهمون