موسى زينل... حيوات مع المسرح ولأجله

09 سبتمبر 2024
موسى زينل (يميناً) مع فهد الهاجري أثناء فعاليات مهرجان "الكويت المسرحي" 2015
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **مشهدية الغواصين وتأسيس المسرح العربي**: ألهمت طقوس الغواصين القطري موسى زينل لتطوير المسرح العربي، مستعيداً مشاهدها في أعماله.
- **الانطلاقة من فريج الغانم والتأثير المصري**: بدأ زينل مسيرته المسرحية في فريج الغانم وتأثر بالمسرح المصري، خاصة "آلام الحلّاج" لصلاح عبد الصبور.
- **بصمة في العمل الثقافي القطري**: ساهم زينل في إنشاء المسرح الشبابي والجامعي بقطر، وترك أثراً كبيراً في العمل الثقافي على مدى خمسة عقود.

خلَق غوّاصو الخليج العربي مشهدية إيمائية أصيلة في الحياة اليومية البسيطة قبل أن تترسّخ الحداثة بعماراتها وأبراجها، رجالٌ يُودَّعون بطقوس أشبه بالأعراس ليغوصوا في مياه الخليج من أجل صيد اللؤلؤ، ثمّ يعودوا من رحلتهم القصيرة/  الطويلة التي تُحبَس فيها الأنفاس. طقسٌ شعبي كُتب عنه الكثير، لكن أن يُتّخذ مرجعية مسرحية فهذا ما التفت إليه مراراً المسرحي القطري موسى زينل، الذي رحل عن عالمنا أول من أمس السبت. في حوارٍ له مع "صحيفة العرب" القطرية، يستعيد الراحل (1945 - 2024) تلك المشاهد، ويرى أنّها المرجعية الأصلية عند الحديث عن أُسس تطوّر المسرح العربي التي أرساها أبو خليل القبّاني، كما يقول.

من منطقة فريج الغانم قرب الدوحة كانت الانطلاقة، ومن مسقط رأسه جاءت أولى المحاولات، يتحدّث زينل عن والده والمساكن الشعبية والبيئة المفتوحة بعناصرها، في وقت كانت فيه مدارس البلاد ما تزال في طور التأسيس، خلال خمسينيات القرن الماضي، قبل أن يتغيّر الزمن سريعاً وتبدأ النهضة العمرانية والثقافية، لكنّ المسرح لم يكن في أفضل حال، ولم يشهد نهضة موازية بالشكل المطلوب، وهذا الهاجس ظلّ يُؤرّق موسى زينل.

مسرحيٌّ من جيل الروّاد تجاوزت رؤيته حدود الخشبة

بعد إتمامه المرحلة الثانوية في "المعهد الديني" بالدوحة، توجّه الراحل إلى مصر وهناك تعرّف إلى الحركة المسرحية التي تأثّر بها، منخرطاً بنشاطات المسرح الجامعي. وفي هذه الفترة من إقامته بالقاهرة، بدأ يطوّر الأُسس التي كانت لديه، واستمدّها من الثقافة الشعبية، وبالأخص من عمل الغواصين بما فيه من إيماءات، وكذلك مكّن أواليّات سبق أن حصّلها من العمل الكشفي. وعليه، يُمكن القول إن المرحلة المصرية بُنيت على أساسات متينة، إذ ما كان للشابّ القطري أن يتأثّر بمسرحية "آلام الحلّاج" للشاعر صلاح عبد الصبور، التي عُرضت مطلع السبعينيات، وظلّ يستعيدها الراحل في مراحل لاحقة من حياته، فضلاً عمّا حملته تلك المرحلة من انفتاح على تجارب عربية ونصوص عالمية سيستعين بها حين آن أوان العودة إلى الوطن.

في قطر مرّة ثانية بعد رحلة سفر وتعلُّم، وفي زمنٍ متسارع تغيّرت فيه البلاد وأخذت بأسباب الحداثة، كان لموسى زينل بصمة في العمل الثقافي، وانشغال بترجمة التنمية الاقتصادية والعمرانية في حقول الإبداع الإنساني والثقافي، حيث صبّ جهوده من أجل إنشاء المسرح الشبابي والجامعي وتنميتهما، بالطبع لم تكن هذه المرحلة عبارة عن حالٍ واحدة متجانسة، إذ نراه يُقارن في إحدى مقالاته بين ما كان عليه الحال في الثمانينيات والتسعينيات وما هو عليه اليوم، ويتحدّث عن "نكوص" في الحركة المسرحية القطرية، ويستنكر إلغاء المهرجانات الشبابية والجامعية.

أكثر من خمسة عقود من تطوير العمل الثقافي بذلَها موسى زينل، نجد أثرها يتردّد في النعي الذي كتَبه رفيق دربه، ورئيس "مكتبة قطر الوطنية"، حمد الكواري، "ليس أمَرُّ من الفقدان، وخاصة فقدان شخص نحت اسمه في التاريخ الثقافي لوطننا وامتدّت تجربته في العالم العربي، فكان رائداً من رواد المسرح القطري، والثقافة العربية... واليوم انطفأت شمعة مضيئة من شموع الثقافة والمسرح القطري والعربي، وأُسدل الستار على حياة كانت مليئة بالإبداع".

الجدير بالذكر أنّ الكواري كان وزيراً للثقافة مرّتين وفيهما حرص على أن يُوكل إلى موسى زينل مهامه الثقافية، بعد مسيرة مشتركة طويلة امتدّت منذ مقاعد المدرسة في قطر إلى كلية دار العلوم في القاهرة إلى أن اضطلع بأدوار هامّة في إقامة المهرجانات المسرحية وإنشاء فرق مسرحية جديدة.
 

المساهمون