"الصين.. قرنٌ خفيّ": جذور الحداثة في القرن التاسع عشر

12 ابريل 2023
رسمٌ يصوّر جانباً من الحرب الأهلية الصينية (من المعرض)
+ الخط -

بحلول القرن التاسع عشر، دبّ الضّعف في بلاط إمبراطورية تشينغ التي حكمت الصين منذ عام 1644، ولم تتمكّن من مُجاراة التقدّم والانفتاح على العالَم، خلافاً لفترة تأسيسها. تزامَن ذلك مع توجّه أنظار الاستعمار الأوروبي إلى أقصى الشرق، حيث خسرت بكين معركتها مع بريطانيا التي احتلّت أجزاء من البلاد. 

وتُمثّل هذه الفترة عصر التراجُع والانحطاط الذي عاشته واحدة من أعرق الإمبراطوريات على مرّ التاريخ، لكنّ الصورة لا تبدو كذلك في جميع المجالات، كما توضّحها أستاذة تاريخ الفن جيسيكا هاريسون هول في محاضرة تُلقيها مساء الإثنين، الرابع والعشرين من الشهر الجاري، في "المتحف البريطاني" بلندن.

الإمبراطورة تسيشي، التي حكمت نحو نصف قرن، شخصية محورية في المعرض

تضيء هول البحث والإعداد الذي بدأ مع انتشار جائحة كورونا نهاية عام 2019، وقاد إلى تنظيم معرض "الصين: قرنٌ خفيّ"، الذي يُفتتح في "المتحف البريطاني" بلندن في الثامن عشر من الشهر المقبل، ويتواصل حتى الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

يضمّ المعرض حوالي ثلاثمئة قطعة تمثّل الفترة الممتدّة بين عاميْ 1796 و1912، والتي شهدت سلسلة حروب وصراعات أهلية حجبت بدورها الكثير من الفنون والحِرَف اليدوية والأزياء التي تعود جذورها إلى تلك المرحلة، رغم أن الحداثة الصينية يُؤرَّخ لها منذ العقد الثاني من القرن العشرين.

رداء الإمبراطورة الأم تسيشي التي حكمت الصين في القرن الـ 19 (من المعرض)
رداء الإمبراطورة الأم تسيشي التي حكمت الصين في القرن الـ 19 (من المعرض)

وعلى الرغم من الدمار الذي تسبّبت به الحروب الأهلية وحرب الأفيون، والتي خلّفت مجتمعةً ملايين الضحايا، يبيّن المنظّمون بأن أشكالاً فنّية جديدة ازدهرت خلال القرن التاسع عشر مثل التصوير الفوتوغرافي والطباعة الحجرية والأدب، كما أدّت التكنولوجيا والتقنيات الحديثة المستخدمة في النقل آنذاك إلى تغيير في بنية المجتمع وثقافته.

القطع المختارة تمثّل الحياة في البلاط الإمبراطوري، وكذلك الجيش، ودور الفنّانين والكتّاب، والمزارعين، وصولاً إلى سكّان المدن وفئاتها المعولمة من التجّار والعلماء والدبلوماسيين والمُصلحين والثوريين، حيث أُنتجت رؤى جديدة تتعلّق بالتحديث وتدعو إلى الانفتاح بعد ألفي سنة من البناء على موروث الحضارة الصينية القديمة.

(خريطة للصين تعود إلى نهاية القرن الثامن عشر، من المعرض)
(خريطة للصين تعود إلى نهاية القرن الثامن عشر، من المعرض)

تشكّل الإمبراطورة الأم تسيشي (1835 – 1908) شخصية محورية في المعرض، بوصفها الحاكم الفعلي لأسرة تشينغ لفترة تقارب السبعة والأربعين عاماً، وقد قامت بجملة إصلاحات سياسية من دون أن تتبنّى نموذجاً غربياً في إدارة السلطة، إلّا أنها لم تضمن في النهاية استمرار حكم العائلة. ويُعرض رداءٌ لها رُسم عليه طائر الفينيق وسط زهور الأقحوان الخصبة، وهو تميّز بشرائط الأكمام الواسعة ومزيج من الزخارف والصينية واليابانية والمستمّدة من ثقافة المانشو (في سيبيريا) باللون الأرجواني والذهبي والفيروزي.

كما تُعرض مصنوعات من القشّ التي انتشرت في الريف الصيني أواخر حكم عائلة تشينع، حيث كانت تنظَّف خيوط القش بطريقة معقّدة ويتم ترطيبها بالماء من أحل صنع أزياء وقطع أثاث ومنسوجات وقبّعات منها، وتتّسم تصاميمها بحرفية استثنائية، إلى جانب خرائط نادرة تُظهر توزّع السكّان الذي زاد عددهم عن أربعمئة مليون نسمة أوائل القرن التاسع عشر، وبورتريهات لعدد من القادة السياسيين والعسكريين والمفكّرين الصينيين باستخدام الحبر والألوان المائية، وإكسسوارات مصبوغة بمشاهد من الطبيعة.

المساهمون