في الفعالية التي نظّمها "بيت المعمار المصري" في القاهرة مساء أمس السبت بعنوان "من النهر إلى البحر: سينما وتراث"، تحدّث المعماريان طاهر عبد الغني وعمر زهران عن توثيق السينما العربية للنضال والمقاومة وارتباطها بالوجدان الشعبي.
في حديثه إلى "العربي الجديد"، أوضح عبد الغني أنّ دور السينما العربية يسير في اتجاهين: أوّلهما رصد قصص البطولات الشعبية وإعادة إحيائها لتقديمها للأجيال الجديدة، وأمّا الثاني، فهو تابع للاتجاه الأوّل، ويتمثّل في تعزيز الوعي الثقافي لدى المجتمع بتأثير المقاومة.
واستعرض المتحدّث العديد من النماذج مثل فيلم "كيرة والجن" للمخرج مروان حامد، الذي يوثّق أحداث دنشواي، حين قتل جنود الاستعمار البريطاني فلاحين مصريين في إحدى قرى المنوفية، وترتّب عنها قيام ثورة 1919، من خلال تكوين جيل جديد مفعم بالفكر الثوري كما عبّرت عنه ذلك شخصيات الفيلم، وكذلك أفلام المخرج يوسف شاهين، الذي يُعدّ أحد رموز النضال الثقافي، ففي أفلامه مزيج من المقاومة الشعبية والمدينة العربية وطريقة تعامل الناس مع النسيج العمراني واستخدامه كسلاح في المقاومة، ومنها: "جميلة" و"الأرض" و"العصفور" و"إسكندرية ليه".
وتناولت الندوة أمثلة أخرى، منها فيلم "عمر" للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، و"ثلاثية القاهرة" للمخرج المصري حسن الإمام، المقتبس من روايات "بين القصرين" و"قصر الشوق" و"السكرية" لنجيب محفوظ، وهناك أيضاً أفلام مصرية رصدت الواقع والحالة الاجتماعية للشعب المصري مثل فيلم "ثرثرة فوق النيل" للمخرج حسين كمال، وهو أيضاً مقتبس من رواية نجيب محفوظ، وأُخرى قُدّمت بشكل كوميدي، مثل فيلم "السفارة في العمارة" للمخرج عمرو عرفة، وهي تضيء في مجملها على تفاصيل الهوية العربية وكيف أسهم التراث الثقافي والعمراني في مقاومة الاحتلال الغربي.
وختم عبد الغني بتأكيد أهمية إحياء التراث في الوقت الراهن وتعزيز دوره وقت الأزمات، وكيف يمكن للسينما أن تسرد وتوثّق قصص المقاومة في سبيل تعزيز الوعي الثقافي لدى المجتمع بهويته، حيث تُعدّ الثقافة أقوى سلاح لدى الشعوب في مواجهة الثقافات المحتلّة التي فرضت هيمنتها على العالم على مدار العقود الماضية لتفتيت الشخصية العربية.