استمع إلى الملخص
- تُنظم "وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية" فعاليات ثقافية لإحياء الذكرى الرابعة عشرة للثورة، تشمل دراسات وندوات ثقافية بالتعاون مع "الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة"، بهدف تعزيز الوعي بأهمية الثورة.
- تُقام الفعاليات في متاحف مختلفة، مما يثير تساؤلات حول طبيعة النقاشات المطروحة، وما إذا كانت ستتناول القضايا الملحة أو تكتفي بالاحتفال بالثورة كتراث ماضٍ.
يستعيد التونسيّون ذكرى ثورتهم الشعبية ضدّ نظام زين العابدين بن علي في تاريخَين مختلفين: السابع عشر من كانون الأوّل/ ديسمبر (2010)؛ وهو اليوم الذي أضرم فيه محمّد البوعزيزي النار في جسده احتجاجاً على مُصادرة عربته في ولاية سيدي بوزيد وسط تونس، وتلته موجةٌ عارمة من المظاهرات التي ما فتئت تتوسّع وترفع من سقف مطالبها، والرابع عشر من كانون الثاني/ يناير (2011)؛ الذي شهد سقوط بن علي، بعد ثلاثة أسابيع وستّة أيام من الثورة.
على الصعيد الرسمي، اعتُبر التاريخ الثاني "عيداً وطنياً للثورة" منذ 2011، قبل أن يُعلن الرئيس التونسي، قيس سعيّد، في كانون الأوّل/ ديسمبر 2021، تغييره إلى التاريخ الأوّل.
يوم الثلاثاء المُقبل، تحلّ الذكرى الرابعة عشرة للثورة؛ وهي المناسبة التي تستعيدها "وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية" التابعة لوزارة الثقافة بسلسلة من الفعاليات التي تنطلق غداً وتستمرّ حتى السابع عشر من الشهر الجاري، وتشمل أربعة أيام دراسية تحت عنوان "الثورة التونسية برؤىً ثقافية"، وندوتَين ثقافيَّتين تُقامان بالشراكة مع "الجامعة التونسية للسينمائيّين الهواة" تحت عنوان "سينما الثورة بالمتحف".
تقوم الفعاليات على "استعراض الثورة التونسية من منظور ثقافي"، حسب بيانٍ لـ "وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية"، أشارت فيه إلى أنّ الهدف منها هو "تعزيز وعي الأجيال الجديدة بأهمّية الثورة التونسية في بناء هوية المجتمع ودفع عجلة التغيير الثقافي والاجتماعي وتوفير مساحة لتبادل الأفكار والرؤى"، إضافةً إلى "تسليط الضوء على الموروث الحضاري الذي تزخر به بلادنا من خلال إقامة هذه الفعاليات الثقافية بعدد من المتاحف الوطنية".
ويُشير بيان المنظّمين إلى أنّ هذه الفعاليات تتخلّلها أنشطةٌ ثقافية متنوّعة وزيارات مؤطّرة بمشاركة عدد من دُور الثقافة والشباب والمدارس، وهو ما من شأنه "إشراك المجتمع المحلّي في إحياء الذاكرة الوطنية"، وفق تعبيره.
يُقام اليوم الدراسي، "الثورة التونسية برؤى ثقافية"، في "المتحف الأثري" بقفصة غداً السبت، ثمّ في "المتحف الأثري والإثنوغرافي" بالمكنين الأحد، وفي "مركز تقديم تاريخ ومعالم مدينة تونس" بتونس العاصمة الإثنين، و"المتحف الأثري" بالمهدية الثلاثاء، بينما تُقام ندوة "سينما الثورة بالمتحف" في "المتحف الأثري" بسوسة غداً، وفي "المتحف الوطني" بباردو (تونس العاصمة) بعد غدٍ الأحد.
لم تنشر "وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية" و"الجامعة التونسية للسينمائيّين الهواة"، ولا أيٌّ من الفضاءات الستّة التي تستضيف الفعاليات، برنامج الأيام الدراسية والندوتَين الثقافتين؛ وهو ما يثير سؤالاً عن طبيعة القضايا التي ستُوضع على طاولة النقاش، وما إذا كان البرنامج مجرّد استعادةٍ للثورة التونسية ضمن نسق احتفالي، أم أنّه سيطرح الأسئلة الملحّة، ولعلّ أبرزها اليوم: ماذا بقي من روح الثورة بعد أربعة عشر عاماً؟
وأيّاً كان، يبدو لافتاً اختيار المتاحف مكاناً لإقامة الفعاليات الاستعادية؛ كأنّ القائمين عليها أرادوا القول إنّ ثورة التونسيّين ضدّ الفساد والاستبداد لم تعُد أكثر من تراثٍ من الماضي مكانُه الطبيعي هو المتحف. شواهدُ ذلك التدهورُ المستمرّ لوضع الحقوق والحرّيات، فضلاً عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي ما فتأت تتفاقم طيلة الأعوام الماضية، بشكل يُهدّد بالقضاء النهائي على ما تبقّى من "مكتسبات" الثورة.