إيريك جوفروا: خمس إضاءات على الصوفية

18 ابريل 2021
من عرض لفرقة الفردوس للموسيقى الصوفية في باريس، 2016 (Getty)
+ الخط -

كأنه يتوجّه إلى جمهور يبحث عن مادة روحانية كي يستهلكها في رمضان، يقدّم الباحث الفرنسي إيريك جوفروا (مواليد 1956) سلسلة من المحاضرات بعنوان "خمس إضاءات على الصوفية" بدأت في الحادي عشر من الشهر الجاري، وتقام حلقتها الثانية مساء اليوم الأحد. تبثّ المحاضرات افتراضياً عبر صفحات جمعية "كونسيانس صوفي" (وعيٌ صوفي) الفرنسية على وسائل التواصل الاجتماعي.

بحسب تقديم البرنامج، يعتمد جوفرا في سلسلة محاضراته على هيكلة أحد آخر إصداراته "الصوفية: تاريخ، أسس وممارسات الإسلام الروحاني" (منشورات إيرول، 2019). وكانت الحلقة الأولى، والتي سبقت بداية رمضان في فرنسا بيومين، بعنوان "الصوفية أو الإسلام الممتلئ: إسلام، إمام، إحسان"، فيما تتناول حلقة اليوم الأحد "اندماج الصوفية في الإسلام السنّي" حيث يدرس كيف تمأسست الصوفية بين القرنين العاشر والحادي عشر، لتُصبح لاحقاً أحد أبرز التجليات الحضارية للثقافة العربية الإسلامية.

أما الحلقة الثالثة، يوم الأحد المقبل، 25 نيسان/ إبريل، فيعرّف فيها جوفروا بمفهوم الطريقة وكيف نشأ وامتداداته بين مختلف الجماعات الصوفية، فيما يقدّم في الحلقة الموالية مفهوم الذكر باعتباره مدخلاً لا غنى عنه لارتقاء مدارج المعرفة الصوفية. وتختتم السلسلة بمحاضرة بعنوان "الصوفية وأشكال حضورها الجديدة" في التاسع من أيار/ مايو المقبل.

محاضرات تعزف على وتر التعطّش لمادة روحية خلال رمضان

الاعتماد على هيكل كتاب في سلسلة من المحاضرات يبدو فكرة ترويجية طريفة بعض الشيء، لكنه يشير أيضاً إلى نزعة تسويقية باتت تحكم الكثير من المادة المعرفية المقدّمة حول الصوفية، وحول الإسلام عموماً. وأن تتزامن سلسلة المحاضرات هذه مع شهر رمضان فيبدو محاولةً لملامسة لوتر معروف عند شريحة واسعة من المسلمين الفرنسيين، فمثلهم مثل مسلمي بقيّة العالم يحدث خلال شهر الصيام طلب على كل ما هو روحاني، ولا ضير إذا دُعي في ذلك باحث فرنسي.

ربما علينا أن نتوقّف قليلاً عند تجربة جوفروا الذي يبدو اليوم المتخصّص الأول في بلاده ضمن ثيمة الصوفية الإسلامية. لقد راكم الباحث الفرنسي إلى اليوم قرابة 15 كتاباً كان أوّلها بعنوان "الصوفية في مصر وسورية في أواخر العصر المملوكي وبدايات العصر العثماني" (1995)، وهذا الكتاب لم يكن سوى أطروحة الدكتوراه التي انطلق منها ليقدّم للمكتبة الفرنسية مدوّنة بحثية ضخمة: "الجهاد والتأمّل: الصوفية زمن الحروب الصليبية" (1997)، و"حكمة أساتذة الصوفية" (1998)، و"اللحظة الصوفية" (2000)، و"الإسلام سيكون روحانياً أو لن يكون" (2009)، وآخر إصدارته كتاب "الله في صيغة المؤنث" (2020).

لعلّ من الوجيه أن نشير إلى أنّ الباحثين العرب الذين راكموا مثل هذه المدونة حول الصوفية قليلون، وعلينا أن نبحث كثيراً كي نجد أجندة بحثية بأدوات معرفية رصينة تتناول مجالاً فاعلاً في الحياة الاجتماعية والروحية العربية. 

أخيراً، علينا ألا نعتقد بأن جوفروا يخاطب مسلمي فرنسا وحدهم، فهناك شرائح أوسع تتحسّس كل خطاب يقدّم بدائل للنزعة المادية الطاغية في عالم اليوم.

المساهمون