في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات التاريخية والاجتماعية والسياسية والسيرة الذاتية والمعاجم والتراث والموسيقى والبحث العلمي.
■ ■ ■
عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، صدر حديثاً كتاب "محمد بيومي: الرائد الأوّل للسينما المصرية" للناقد محمد كامل القليوبي. يتتبّع المؤلّف سيرة الكاتب والمخرج المصري (1894 - 1962) الذي تعلّم فنون السينما والتصوير في إيطاليا والنمسا، ثم عاد إلى بلاده ليؤسّس سنة 1923 "جريدة آمون" المتخصّصة في الفن السابع، ويُخرج فيلماً تسجيلياً حول توت عنخ أمون في العام التالي، كما يوثّق القليوبي خطابات وقصاصات وتعليقات كتبها بيومي عن أحوال السينما وأبرز شخصياتها في تلك المرحلة، ومساهمته في إنشاء "المعهد المصري للسينما" عام 1931.
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر كتاب "فلسطين في مرآة الثقافة الروسية" للباحث محمد دياب، وفيه يضيء على صورة فلسطين في الثقافة الروسية، من خلال كتابات الحجّاج الروس إلى الديار المقدّسة منذ القرن الثاني عشر وحتى بدايات القرن العشرين، وفي انطباعات الكتّاب والشعراء الروس البارزين، وفي أعمال رسّامين تركوا لوحات ورسوماً تصوّر الطبيعة الفلسطينية أو تجسّد أحداثاً من تاريخ فلسطين القديم، وفي مقاربات مؤرّخين ومستعربين بارزين في القرنين التاسع عشر والعشرين، وفي كتابات الباحثين السياسيين المعاصرين.
صدرت عن داريْ "أوغاريت" و"التنوير" طبعة جديدة ومنقّحة من "معجم المصطلحات النقدية والأدبية المعاصر" لأستاذ الأدب الإنكليزي حسن مرحمة. يتوجه المعجم إلى القارئ العربي غير المتخصّص بوصفه "خلاصة تجربة ومعايشة لواقع الممارسة المعرفية الجامعية"، من خلال التعريف بالمصطلحات الأدبية في شتّى الأجناس؛ من الرواية والمسرحية والشعر والسيرة الذاتية والقصة القصيرة والنقد، والتركيز على المفردات المعاصرة، من خلال الاستشهاد بنماذج تطبيقية من الأدبين البريطاني والأميركي بين نهاية القرن التاسع عشر وسبعينيّات القرن الماضي.
"تحت الإمبراطورية.. حياة المسلمين وولاءاتهم عبر المحيط الهندي، 1775 - 1945" عنوان الكتاب الذي صدر لأستاذ التاريخ مايكل فرانسيس لافان عن "منشورات جامعة كولومبيا". يستكشف العمل المجتمعات الإسلامية التي تسكن بين الجزر الإندونيسية وحتى رأس الرجاء الصالح في مرحلة الاشتباك مع الإمبراطوريات الغربية المتنافسة، والتي بدأت رحلاتها الجغرافية والعسكرية من أجل احتلال البلدان الواقعة على المحيط الهندي، خاصّة البريطانية والهولندية، وكيف صعدت الحركات القومية والإصلاحية في هذه البلدان وبرزت هويتها الإسلامية في مواجهة الاستعمار.
للناقد السوري سعد الدين كُليب، صدر عن "دار التكوين"، كتاب "تراثُنا والجَمال: مختارات من الفكر الجماليّ القديم". عبر مقاطع منتقاة من النثر والشعر العربيّين. يسعى المؤلّف، من خلال كتابه، إلى معرفة "كيف كان أسلافنا يشعرون بالجمال ويفكّرون به، وما أغراضهم منه وما أحلامهم فيه، وما أنواعه لديهم وأشكاله، وكيف كانوا يميّزون بين الجميل والقبيح، أو كيف يفرّقون بين الجميل والجليل". ينضمّ العمل إلى سلسلة من المؤلّفات التي نشرها كُليب حول الموضوع نفسه، مثل "المدخل إلى التجربة الجمالية" وكلمات الجمال".
"أم كلثوم وسنوات المجهود الحربي" عنوان الكتاب الذي يصدر قريباً عن "مكتبة تنمية" للباحث المصري كريم جمال. العمل محاولة في تتبّع سيرة "كوكب الشرق" أثناء فترة متأخّرة من حياتها تلت نكسة حزيران/ يونيو 1967، عبر التنقيب عن حضورها في الوعي الشعبي كما في المحافل الوطنية والفنّية، بما تحمله هذه المرحلة من إشكاليات تختلف سياسياً واجتماعياً عن البيئة التي أحاطت بها في بداياتها الفنّية. يرصد الباحث الهالة الرمزية التي اكتسبتها أم كلثوم بوصفها أهمّ صوت نسائي عربي في القرن العشرين، كما تمكّنت من لعب دور اجتماعي موازٍ.
"قواعد: تاريخٌ مقتضب لما نعيشُ وفْقَه" عنوان كتاب للباحثة لورين داستون، صدر عن "منشورات جامعة برينستون" في الولايات المتّحدة. تنطلق المؤلّفة من القول بأنّ القواعد تحكم مجرى حياتنا في كلّ أوجهها، وأنّ البشر لم يستطيعوا الاستغناء عنها يوماً رغم طابعها الذي قد يكون محدِّداً لحرّياتهم. تقدّم داستون وصفاً تاريخياً لمختلف تمظهرات القواعد منذ بدايات التاريخ، ضمن دراسة تنتقل بالقارئ من طُرق الطبخ إلى أساليب تصميم الثياب وارتدائها، مروراً بالصيَغ الحسابية، والقوانين، ووصولاً إلى خوارزميات مواقع التواصل.
عن "منشورات فرنسا الجامعية"، صدر كتاب "شوبنهاور والموسيقى"، للباحث المكسيكي الفرنسي سانتياغو إسبينوزا. يشير المؤلّف إلى أنّ الموسيقى كانت من أكثر المواضيع غموضاً أمام أعين الفيلسوف الألماني، حيث مثّلت، بالنسبة إليه، مشكلةً فلسفية لا تقلّ أهمّية عن مشاكل الكينونة والوجود. ومن أجل الوقوف على النحو الذي يسعى من خلاله شوبنهاور لحلّ هذه المشكلة، يقدّم المؤلّف عملاً من ثلاثة فصول تجمع بين علاقة الموسيقى بسيرة شوبنهاور وفلسفته، هي: "سَماعُ شوبنهاور"، و"السماع الموسيقي بوصفه حدساً للواقع"، و"الروح الموسيقية".
بترجمة فتحي ساسي، صدر عن "دار ترياق" كتاب "نيتشه في إيطاليا: سيرة حياة" للكاتب الفرنسي السويسري غي دو بورتالاس. من روما إلى فلورنسا، مروراً بالبندقية وسورينتو وجنوة وصقلية، وصولاً إلى نهايته المأساوية في تورينو، يتتبّع العمل، الذي صدر لأوّل مرّة عام 1929، سيرةَ الفيلسوف الألماني (1844 - 1900) من خلال حياته في إيطاليا؛ البلدِ الذي زاره لأوّل مرّة عام 1876 وانجذب إلى مناخه وأسلوب الحياة فيه، ليُصبح البلدَ الذي "أثرى روحه أكثر من أيّ بلد آخر"؛ حيث ألّف فيه أبرز أعماله، ومن ضمنها" هكذا تكلّم زرادشت".
"بنية البحث العلمي في الفلسفة وعلوم المجتمع والإنسان" عنوان كتاب للأكاديمي العراقي محمد حسين الرفاعي صدر عن "مركز دراسات فلسفة الدين" في بغداد و"دار التنوير". يعتبر المؤلّف أنّ الأيديولوجيات السياسية جعلت التساؤُل عن أصل البحث العلمي وماهيته الفلسفية أمراً منسياً في الثقافة العربية وأكثر من ذلك يخضع للحجب والتغييب بفعل ممارسات القهر والإرغام والجبر، مُضيفاً أنّ السُّلَط السياسية تعتبر التساؤل عن الوجود، والعالَم، والمجتمع، والإنسان، ضرباً من ضروب الخروج عن المؤسّسة والوعي المجتمعي العامّ.
يصدر قريباً عن "منشورات كورنيل الجامعية"، كتاب "إنهاء الاستعمار 1968: النشاط الطلابي العابر للحدود الوطنية في تونس وباريس وداكار"، للباحث الأميركي المختصّ بالعلوم السياسية بيرلي هندركسون. يقارب الكتاب الانتفاضات الطلابية التي شهدتها دول عدّة عام 1968، إذ تحوّل حرم الجامعة، في مدن أوروبية وشمال أفريقية إلى موقع صراع وجدل بين الطلاب والمسؤولين والإداريين، حول الحداثة والقومية وغيرها من الأفكار. يستند الكتاب إلى روايات وشهادات لطلاب انخرطوا في الحراك السياسي الجامعي خلال تلك المرحلة في تونس وباريس وداكار.
بتوقيع المترجمة لمى سخنيني، صدرت النسخة العربية من كتاب "إيقاعات الزمن: إعادة سرد تاريخ فلسطين" للباحث كيث وايتلام عن دار "العائدون للنشر والتوزيع". يفكّك الكتاب السرديّة التوراتية للصهيونية، ويفنّد مزاعمها الأسطورية من زاوية بحثية تأريخية، كما يبحث في تحييد الروايات الاستعمارية لتاريخ المُستعمَرين وتملّك أدوات الحضور في الماضي حتى تسهل السيطرة على حاضرهم ومستقبلهم. ويؤسّس الكتاب لنظرة كلّية عن الزمن تجتمع فيها أبعادُه الثلاثة، وتتركّب معاً في جزء من الصورة الكبرى للنضال الثقافي للشعوب.
