في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تشمل مؤلّفات في الترجمة والتاريخ والدراسات الفكرية والمذكّرات وأدب السجون.
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر كتاب "مصر الثقافة والهوية" للباحث والأكاديمي اللبناني خالد زيادة. يبحث العمل، في تسعة فصول، في السياسة المصرية منذ بداية القرن التاسع عشر، مع ظهور ملامح المرض في جسد الإمبراطورية العثمانية وازدياد نفوذ الدول الأوروبية، كما يتناول انفتاح الثقافة والمثقّفين على الأفكار الواردة، وعلاقة الثقافة بالسياسة، وذلك بعد استعراض تاريخي لعلاقة المصريّين بالسلطة والعسكر في حقبات تغيُّر الدول المتعاقبة على حُكم مصر ودور المثقّف وتأثيره في التحوّلات الاجتماعية والثقافية والثورية.
"أبراج من العاج والفولاذ: كيف تسلب الجامعات الإسرائيلية الحرّية الفلسطينية؟" عنوان كتاب للباحثة مايا ويند، صدر عن "منشورات فيرسو". يتناول العمل ارتباط الأكاديميات الإسرائيلية بتمويل مشاريع الاستيطان والسطو على الأراضي الفلسطينية. بالاعتماد على مصادر متعدّدة من داخل كيان الاحتلال وأُخرى خارجه، تُفنّد الباحثة ادّعاء هذه المؤسّسات للحرّية، وتكشف عن مدى ارتباطها بجرائم تُنفّذها جماعات المستوطنين، وكيف تُكرّس كلّ مقدّراتها البحثية والعِلمية، إضافة إلى شبكة واسعة من العاملين فيها، لتطويق الشعب الفلسطيني وسلبه أرضه.
طبعة جديدة من كتاب "في الأدب الصهيوني" لغسّان كنفاني تصدر عن "العائدون للنشر" في عمّان قريباً. يناقش الروائي الشهيد (1936 - 1972) في كتابه التوظيف الصهيوني للأدب من خلال نماذج عدّة، وكيفية ارتباط هذا المشروع العنصري بالإمبريالية، عبر سعيها لتحقيق أهدافها في احتلال فلسطين، كما يضيء التحوّلات التي طرأت على اللغة العبرية من أبجدية تعبّر عن الدين لتصبح لغة قومية تعكس اختراع الشعب اليهودي، وكذلك التخييل الذي مارسه مفكّرون صهاينة حول صورة "البطل اليهودي" التي تسرّبت إلى النصوص المؤسّسة في الأدب العبري بعد ذلك.
تقدّم مجموعة من الباحثين في كتاب "الإبادة الجماعية في غزّة: الأدلّة" الذي نُشر مستقلّاً بتحرير كين مكارثي، العناصر الأساسية التي تجتمع فيها جريمة الإبادة خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزّة، بأن تكون الأفعال مع سبق الإصرار والترصّد والقصد، وأن تظلّ الإبادة الجماعية قائمة بتوفير ظروف معيشية يُراد بها التدمير كلّياً أو جزئياً، واستهداف الضحايا بحسب جنسيتهم أو عرقهم و دينهم، وهي القرائن التي استندت إليها جنوب أفريقيا في الوثائق التي تضمّنتها الدعوى التي رفعتها ضدّ الكيان الإسرائيلي في "محكمة العدل الدولية".
صدر عن "دار النهضة العربية" كتابٌ بعنوان "من إسطنبول إلى حيفا" للكاتب عمّار نذير سنان. يحكي العمل قصّة خمسة إخوة من آل التميمي أسهموا في أهمّ الأحداث السياسيّة التي شهدتها المنطقة العربيّة بين عامي 1890 - 1948، التي كانت سبباً في نشوء دول كاملة، وانهيار أُخرى. ينقلنا الكتاب في مساحة جغرافيّة وتاريخية متنوّعة تشمل بلاد الشام، ومصر، والعراق، وشبه الجزيرة العربيّة، وتركيا، وإيران، حيث نشاهد محاولات العرب في بناء دولة عربيّة واحدة مستقلّة، وتآمر المحتلّ الغربيّ عليهم، وزرع الكيان الصهيونيّ في فلسطين.
عن "منشورات جامعة كولومبيا"، صدرت النسخة الإنكليزية من كتاب "ثورة في اللغة الشعرية" للناقدة البلغارية الفرنسية جوليا كريستيفا بترجمة مارغريت والر. تدرس المؤلّفة الشعر من منظور يأخذ بالاعتبار السياسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إذ أنتجت الرأسمالية في تطوّرها منذ منتصف القرن التاسع عشرة معايير لغوية وأيديولوجية جديدة تعبّر عنها الفنون بكل أشكالها. وعبر تفكيك العديد من النظريات اللغوية والتحليلية النفسية والفلسفية والأدبية الراسخة، تقدّم كريستيفا مفاهيم وتفسيرات مبتكرة للتحليل السيمائي الرمزي.
تحضر مفردة "السلام" ومرادفاتها بوفرة في المدوَّنات الدينية، ومع ذلك يحفل التاريخ الدينيّ بحضور متكرّر لواقعة الحرب وحوادث الصراع المُولِّدة للعنف. تاريخيّاً، وفي جميع السياقات لم تكُن النصوص في حدّ ذاتها كافية لنبذ العنف، ومن ثم يصبح السؤال المطروح: متى تنتهي مشكلة العنف؟ هذا هو السؤال المركزي الذي يعالجه كتاب "مفاهيم إشكالية: في الحبّ والتصوّف والسياسة" للباحث المصري عبد الجواد ياسين، والصادر عن "دار العين"، إذ يسعى الباحث إلى تقديم نظرة تاريخية مُقارنة في حقول ثلاثة يتقاطع فيها الخاصّ والعامّ.
للباحثة والأكاديمية الجزائرية سعاد بن ناصر، صدر عن "دار ميم للنشر" كتابٌ بعنوان "فوضى الرواية: بحث في إستراتيجيات السرد". يقارب الكتاب مجموعةً من النصوص المختارة من الرواية الجزائرية المُعاصرة من زاوية "نظرية الفوضى"، والتي تقول المؤلّفة إنّها غيّرت كثيراً من البديهيات العلمية والفلسفية والإنسانية، وجعلت الإنسان يعيد النظر في مفهومَي الفوضى والنظام، حيث لم يعُد هناك عِداء بينهما، بل بات كلُّ منهما شريكاً للآخر، و"أينما وُجدت الفوضى، فمن الضروري فهم نظامها، وأينما وُجد النظام فهو دوماً يحتوي على فوضاه".