في نصه المسرحي "قضية ظلّ الحمار" الذي أعدّه الكاتب السويسري الألماني فريدريش دورينمات للإذاعة عام 1958، تتكثف أزمات الإنسان المعاصر في قالب من السخرية، حين يهتمّ بأشياء صغيرة وتافهة ما يتسبب بتعطيل مصالح الناس وحياتهم، ودائماً يكون هناك مستغلون لتلك الأحداث.
نُقل النص إلى العربية بترجمة محمد يسري خميس عام 2004، وتحوّل إلى عرض على الخشبة بتوقيع العديد من المخرجين المسرحيين العرب برؤى مختلفة، تعاين بعضها وقائع من التاريخ الذي يتكرّر فيه السيناريو ذاته كلّ مرة، أو في إسقاطات على الواقع المعاصر.
تُعرض عند السابعة والنصف من مساء غدٍ الخميس في "المركب الثقافي" بمدينة سطات (135 كلم جنوب الرباط)، مسرحية "الحُرّ بالغمزة" للمخرج إسماعيل بوقاسم، المقتبسة عن نص دورينمات بإنتاج "جمعية فضاء القرية للإبداع".
تضيء المسرحية بنسختها المغربية شجاراً بين طبيب أسنان استأجر حمارا لينتقل به لتطبيب أحدهم في أعلى الجبل، وفي الطريق كان الحر شديداً جداً، فاستظل الطبيب بظلّ الحمار الذي يستقله، فاحتج صاحب الحمار وطلب من الطبيب أجراً مقابل الظل، متذرعاً بأنَّه تسلم أجراً عن استِئجار الحمار فقط وليس الظل، وهنا يحاول الطبيب إقناع صاحب الحمار بأن الظل يتبع الأصل، لكن هذا الأخير تشبث بأحقيته في أجر الظل، وتطور بينهما نزاع أوصلهما إلى ساحة القضاء.
يتفاقم النزاع حتى يصل إلى ساحات القضاء، وتتصاعد الأحداث حتى أن المدينة انقسمت إلى حزبين، حزب الظل وحزب الحمار، وفي ظلّ تمسّك كلّ حزب برأيه تتطوّر الخلافات لتندلع حرب أهلية طاحنة أدت إلى إحراق المدينة، وتتكشّف تشوّهاتهم التي تجعلهم عرضة للاستغفال والتحكّم بمصائرهم من قبل أصحاب السلطة والنفوذ، وتتم تعرية مجتمع تلك المدينة الهادئة التي تشكل في بعدها الدرامي نسخة كربونية عن دول عالم اليوم.
المسرحية التي شارك في أدائها كلّ من الفنانين: عبد العزيز الطاهري، وأحمد أولاد، وبشرى مستاري، وحسن عين الحياة، وفوزية انجيمي، صمّم لها السينوغرافيا حسن عين الحياة، إلى جانب التقنيين هشام مبروك، وحسن العجال، وفاطمة دقاقي، وتوفيق سرحان، وعبد الواحد الشاهي.