أوسكار نيماير.. عودة إلى السنوات الجزائرية

28 يونيو 2022
"القاعة البيضاوية" في الجزائر العاصمة، 2012 (من المعرض)
+ الخط -

في عام 1965، قدَّم أوسكار نيماير، مع مئتَي مُحاضِر، استقالته مِن "جامعة برازيليا" التي عُيّن رئيساً لقسم الهندسة المعمارية فيها قبل سنتَين مِن ذلك، احتجاجاً على الدكتاتورية العسكرية التي وصلت إلى الحُكم في البرازيل في ربيع 1964 ولن تُغادِره إلّا في ربيع 1985. سيحزم المهندس المعماري ذائعُ الصيت، الذي وضع المخطَّط المعماري لمدينة برازيليا لتكون ثالث عاصمة للبرازيل عام 1960، حقائبه، مُغادراً إلى فرنسا، ولن يعود إلى بلاده إلّا مع عودة الديمقراطية إليها في الثمانينيات. وخلال تلك الفترة، التي استمرّت عقدَين، تركَ نيماير بصماته في مُدنٍ كثيرة عبر العالَم؛ بدءاً بباريس وإيطاليا وماليزيا ووصولاً إلى لبنان والجزائر.

عاش نيماير (1907 - 2012) قرابة عشر سنواتٍ في الجزائر منذ نهاية الستّينيات، وصمَّم عدداً مِن المباني فيها، أبرزُها "جامعةُ الأخوَين منتوري" في مدينة قسنطينة شرق البلاد. وهذه العلاقةُ ستستمرُّ طويلاً، إذ صمَّم، قُبَيل رحيله بسنوات قليلةٍ مبنى "المكتبة العربية الجنوب أميركية"، أو ما يُفترَض أنْ يكون مقرّاً لتلك المكتبة التي تقرَّرت إقامتُها في زرالدة غربي الجزائر العاصمة، لكنها لم ترَ النور إلى اليوم. حينها، عبّر نيماير عن اعتزازه بتصميم عملٍ آخر "على أرضِ بلد احتضنه سنوات الدكتاتورية في البرازيل"، مُعتبراً أنّ تلك الفترة جعلت منه شقيقاً للجزائريّين إلى الأبد.

تلك السنوات التي استمرّت بين 1968 و1978 يستعيدُها معرضٌ توثيقي للكاتب والفنّان المقيم في لندن جيسون أُودي بعنوان "أوسكار نيماير: الجزائر والهندسة المعمارية في الثورة"، والذي افتُتح الإثنين الماضي في "المتحف الوطني باردو" ويستمرّ حتى الخامس من تمّوز/ يوليو المُقبِل.

رأى نفسه شقيق الجزائريين إذ احتضنوه في سنوات الدكتاتورية في بلده

أقام أُودي في الجزائر قبل قرابة عقدٍ من الآن، متقصّياً التراث المعماري الذي تركه نيماير فيها، وهو ما مكّنه مِن جمع مادّةٍ بصرية ستُشكّل موضوعاً لمَعارض فنّية أقامها في بلدان مختلفة، قبل أن يحطّ بالجزائر مع معرضه الذي يضمُّ صُوَراً التقطها لستّة مبانٍ صمّمها نيماير، إضافةً إلى مجموعةٍ من الرسومات التخطيطية الخاصّة بتلك المشاريع، في مُحاولةٍ للإضاءة على "مرحَلة من تجربة المهندس البرازيلي غير معروفة بشكلٍ كاف"، وفق تعبير القيّم على المعرض عبد الحميد رحيش.

إضافةً إلى جامعة "منتوري" في قسنطينة التي بُنَيت بين سنتَي 1969 و1972 وتتألّف من عدّة مبانٍ تتجمّع حول ساحتها، يضمّ المعرض صُوراً وتخطيطيات لـ "جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا" التي بُنيت في ضاحية باب الزوّار بالجزائر العاصمة بين سنتَي 1972 و1974، وهي أيضاً تتألّف مِن عشرات المباني البارزة والمنحنية، كما يضمّ صُوراً وتخطيطات لـ "القاعة متعدّدة الرياضات" في "المركز الأولمبي محمّد بوضياف"، والتي تُعرف باسم "القاعة البيضاوية"، و"الكلّية متعدّدة التقنيات للهندسة المعمارية والعمران" في الجزائر العاصمة.

المساهمون