أخبار الغرقى

30 أكتوبر 2022
تجهيز في أحد ساحات روما للتدليل على غرق المهاجرين في المتوسط، 19 شباط/ فبراير 2019 (Getty)
+ الخط -

استحالة عالم أقل سوءاً. وهذا ما يجعلك تأرق، بشكل روتيني، منذ عقود من الزمن.
 
كل يوم تقرأ وتفكر، وكل يوم ثمة ألم جديد للأحباء من شعبك، يتحوّل إلى ألم شخصي، في جدلية العام كخاص، وبالعكس. شباب في عمر الورود، يلفظهم المتوسط جثثاً، ومن ينجُ من المآل شبه المحتوم، فقد ينتحر بعد الوصول، حيث لا إيثاكا في مخيمات اللاجئين، وإنما الوجه البشع لأوروبا البيروقراطية والعنصرية.

عشرات الآلاف من شباب شعبك، يتوجهون، عبر طرق التهريب الشاقة، من بلادك المحاصرة إلى بلجيكا، قاطعين مسيرة الأهوال، عبر عدة بلدان، يحدوهم أملٌ خُلّب.

كل يوم تأتي أخبار الغرق في البحر، من هنا وهناك، لتضيف سبباً جديداً كي يدوم أرقك.

تحاول أن تكتب عنهم وبهم، شعراً، فيجفل الشعرُ ويرتبك. إن هذا كثير عليه وهو الهشّ وصائد الرائحة، لا الكتلة. ثم تلجأ للنثر، وما من سبيل.

ليس إلا الصمت، مصيراً، لكاتب مغترب، ولاجئ، في زمن هبوب عواصف ملايين اللاجئين، من أربعة أركان المعمورة. زمن اللاجئين ـ الأرقام، لا البشر. زمن منطقتنا التي تلفظ أبناءها، دون رحمة، إلى بر مَن لا يرحم ولا تساوره شفقة. زمن ضياع منطقة بأكملها في معمعان التاريخ.

ليرحم الله الغرقى من معاصريك، وقد ماتوا للأبد، وليرحم الأحياء الذين ينتظرون ذات المصير.


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف
التحديثات الحية
المساهمون