استمع إلى الملخص
- **حياة كمال عدوان وأعماله الأدبية**: وُلد عام 1935، وكان عضوًا في اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول مكتب الإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية. يحتوي الكتاب على يومياته ورسائله ومشاريع أدبية ومذكرات معاصريه.
- **اغتيال كمال عدوان والتحقيقات**: يستعرض الكتاب اغتياله في 10 نيسان/ إبريل 1973 على يد كوموندوس إسرائيلي، واعتقال الضابط في الموساد داني ياتوم، والضغوط للإفراج عنه، مع مقابلات مع عائلته وشركائه في حركة فتح.
صدر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" كتاب "كمال عدوان: رجل في ثورة.. وثورة في رجل" للباحث الفلسطيني أحمد عزم، الذي يضيء على سيرة قائد فلسطيني بعد واحدٍ وخمسين سنة على اغتياله، وفكره وآرائه وكتاباته.
يحاول الكتاب دراسة سيرة رجل أعاد بناء ذاته بالتعليم والعمل، وتفرَّغ للثورة كليًّا وأعاد بثّ الوطنية الفلسطينية، وكان مفكرًا رفع شأنَ العامل الفلسطيني الذاتي في التحرير. والكتاب أيضًا تأريخ للحركة الوطنية الفلسطينية وتفاعلاتها فلسطينيًّا وعربيًّا ودوليًّا، يدقق في الروايات المتداوَلة، ويسائل المسلّمات المبتوتة، ويراجع معنى "الفكرة الوطنية" التي تبنّتها حركة فتح وعبّر عنها عدوان في ممارسته السياسية وكتاباته المنشورة وغير المنشورة، التي لم تنل حظها من الاهتمام، ومن ثمّ لم تحصل تجربة عدوان على ما تستحق من الاهتمام لأسباب سلف ذكرها، يضاف إليها تفرُّق فريقه بعد استشهاده، إما بخروج بعضهم من حركة فتح، وإما بإبعادهم عنها، وإما باستشهاد بعضهم.
يتتبّع المؤلف سيرة الراحل الذي ولد عام 1935، وهو أحد أبرز القادة الفلسطينيين وعضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني (1963)، ومسؤول مكتب الإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية، وقائد "الجهاز الغربي" المسؤول عن الأرض المحتلة منذ عام 1971 حتى اغتالته إسرائيل مع القائدين كمال ناصر وأبو يوسف النجار في منطقة فردان بالعاصمة اللبنانية، في 10 نيسان/ إبريل 1973.
ويحتوي الكتاب على يوميات غير منشورة ومنتقاة من دفاتر عدة لعدوان، بدءًا من عام 1953، معظمها رسائل إلى أصدقائه، لكن ردودهم عليها غير متوافرة. ويتضمن مشاريع أعمال أدبية وروايات وقصصًا لعدوان، وقد ذكرت زوجته السيدة مها الجيوسي أنها 12 رواية وقصة قصيرة لا يتوافر بين أوراقه حاليًّا سوى جزء منها، وأنها أودعتها مع أوراق أخرى له ومذكرات مهمة عن مرحلة تأسيس حركة "فتح" ومخططات سياسية ونضالية بخط يده، نهايةَ السبعينيات لدى صديقه ورفيق دربه خليل الوزير في دمشق، ويبدو أن هذه الأوراق قد فُقدت عندما داهمت القوات السورية المنزل في الثمانينيات.
يحتوي الكتاب على يوميات غير منشورة ومنتقاة من دفاتر عدة لعدوان بدءًا من عام 1953
كذلك يتضمّن مذكرات أشخاص عاصروا عدوان، بعضها منشور وبعضها اطلع عليه الكاتب، وهي في طور النشر، وبعضها نُشِر خلال إعداد الكتاب، وبعضها نُشِر لاحقًا، وبقي جزءٌ وهو أوراق شخصية قد لا تنشر أبدًا، إضافة إلى أرشيف واسع من الصحف والمجلات والكتب العربية والأوروبية والأميركية والإسرائيلية التي غطت فترة عدوان باللغات العربية والعبرية والإنكليزية، أضف إلى كل ذلك إصدارات حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ويتدرج الكتاب في حياة عدوان وفق المراحل الزمنية، باستثناء فصله الأول الذي بدأ من النهاية، من لحظة تنفيذ كوموندوس إسرائيلي في 10 نيسان/ إبريل 1973 عملية اغتيال عدوان. وفي تفاصيل ذلك، اعتقل قائد شرطة مدينة طرابلس النقيب عصام أبو زكي في 11 تموز/ يوليو 1973 شخصًا يدّعي صفة السائح الألمانيّ ويحمل جواز سفر مزورًا باسم أورلخ لوسبرغ، تبيَّن أنه الضابط في الموساد داني ياتوم (وصل بين عامَي 1996 و1998 إلى رئاسة هذا الجهاز)، الذي اعترف لأبو زكي بأنه كان يخطط مع أعضاء آخرين في الموساد لاغتيال قائد فلسطيني آخر هو سعيد السبع في طرابلس، لتبدأ بعدها الضغوط للإفراج عن ياتوم بعد اعتقاله، كان أولها من الرائد في الكفاح المسلح الفلسطيني إبراهيم البطراوي، بحجة أنه مناضل يناصر قضية فلسطين، على غرار كوزو أوكاموتو وكارلوس، فرفض أبو زكي وواجهه باعترافات ياتوم، الذي انتقل ملفه بعدها إلى بيروت وتابعه المحقق العسكري إلياس عساف، فتعرض الأخير لضغوط من السفير الألماني ولتر نوفاك وضابط للاستخبارات الأميركية في بيروت يدعى روبرت آميس لإبعاد أبو زكي عن الملف كي لا يدلي بشهادته في المحكمة العسكرية، وهو ما حصل، فحُوِّل ملف لوسبرغ وعشرين آخرين إلى القاضي أسعد جرمانوس في المحكمة العسكرية، ومحامي الدفاع الوزير السابق رشيد درباس، وفي ما يشبه الصفقة السوداء، رُحِّل هذا الصيد الثمين من لبنان وأُغلِق ملفه بظروف غامضة.
ويشير بيان "المركز العربي" إلى أن اهتمام أحمد عزم بالكتابة عن عدوان انطلق من أفكار الأخير التي تفيد إدخال الثورة في البناء الاجتماعي وشخصية الإنسان؛ أي بناء جيل ثوري، قبل إطلاق العمل العسكري، أو بمعنى آخر "تذويت" الثورة (جعلها جزءًا من الذات)، وانتقلت الفكرة إلى حيّز التنفيذ حيث التقى عائلةَ عدوان (28 شخصًا في غزّة وعمّان)، فاطلع على مواد وأرشيفات وعشرات المقابلات والاتصالات والحوارات والتعقيبات على المخطوطات الكثيرة.
ثم قابل عزم سيدات وسادة في فلسطين والأردن ولبنان وقطر شهدوا مرحلة عدوان، وكانوا شركاءه في تأسيس حركة فتح وفي الإعلام وفي "الجهاز الغربي"، فقدموا إليه شهاداتهم ومخطوطات مذكراتهم وأرشيفهم، وكان لهم فضل كبير على الكتاب، كما كان للقيّمين على مشروع توثيق القضية الفلسطينية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في عمّان، وبينهم أصحاب تاريخ نضالي عريق، دور في حفظ أرشيف الشهيد إلكترونيًّا، وكانوا المعينين في تسهيل المقابلات التي أجراها الكاتب في عمّان، وقرأوا مسوّدات الكتاب وقدّموا ملاحظات قيّمة عليه.
يذكر أن يوميات الشهيد كمال عدوان، ورسائله إلى أصدقائه، وكتاباته الموجهة إلى الرأي العام، أو داخليًّا إلى "فتح"، وخصوصًا غير المنشورة منها، تقدّم صورةً عن التحول في تصورات جيله لثلاثة أمور مصيرية: الوطنية الفلسطينية، والعمل ضمن إطار أمة، والتحرك ضمن إطار وطنية خاصة، كذلك فإنها توضّح فكرته عن بناء تنظيم شعبي واسع يمتلك أذرعًا إعلامية، وحركة وطنية بلا أحزاب أو أيديولوجيا، تستبدل تنظيمًا حركيًّا واسع العضوية بالتنظيم الحزبي المؤدلج، ومساهمته في تدريب الكوادر الفلسطينية والعربية المناضلة وإعدادها سياسيًّا وثقافيًّا وعسكريًّا، ونجاحه مع كوادر فلسطينية أخرى في الوصول إلى المثقفين المؤمنين بحركات التحرر ضد الاستعمار واليسار في أوروبا.