آثار مصر ومدافنها.. هجمة جديدة من الهدم والإزالة

05 سبتمبر 2023
من عمليات الهدم التي طالَت حوش عُتقاء الأمير إبراهيم
+ الخط -

"تدمير شامل لم تشهده (مصر) خلال أربعة عشر قرناً، ولا خلال أيٍّ من فترات الاحتلال الأجنبي، أو من جرّاء الحروب والكوارث الطبيعية"، بهذه الكلمات صدّرت "جمعية المعماريِّين المصريِّين" بيانها الذي نشرته، عبر حسابها على فيسبوك، في شأن تدمير جبّانات (مقابر) القاهرة التراثية، مُطالبةً بإنقاذ ما يُمكن إنقاذُه من آثار البلاد المُدرَجة على قائمة التراث العالمي، والتي تتعرّض إلى حملة غير مسبوقة من عمليات الهدم والإزالة.

ووصف بيانُ الجمعية، الذي وقّع عليه أعضاء نقابات مِهنيّة وجمعيات عِلمية مختلفة، هذه الإجراءات بأنّها "هجمة مُثيرة للدهشة"، كونها مثّلت ردّ السُّلطات على بدائل الإزالة التي طرحتها لجنة شكّلها مجلس الوزراء من المتخصّصين في التخطيط العُمراني، والحفاظ على التراث، وقامت بدراسة جدوى مشروع الطُّرق والكباري (الجسور) المطروح من قبل الحكومة، والذي بدأ تنفيذه عام 2020، وأثبتَ عدم جدواه لكونه يوفّر دقيقتين فقط للرحلة، وطرحت مشروعاً بديلاً يعتمد على استغلال شبكة الطرق وتحسيناتها الحالية دون المَساس بالجبّانات التاريخية.

مبادرات الإنقاذ والحماية تقتصر على ما هو فردي أو أهلي فقط

من جهته أعلن أيمن ونس، رئيس "اللجنة الدائمة لحصر المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميّز" في شرق القاهرة، استقالته، مطلع هذا الشهر، على خلفية الهدم المستمرّ لمقابر القاهرة، خاصة بمناطق الإمام الشافعي، والسيدة عائشة، والسيدة نفيسة. 

لكنّ اللافت أنّ ونس، ورغم تأييد الكثيرين له، عاد ليتراجع عن قراره، مُعلّلاً ذلك بأنّه "تأكّد من أنه ستُتم محاسبة المتجاوزين وتصحيح مسار أعمال التطوير"، الأمر الذي يطرح تساؤلات جدّية حول وفاء الجهات الرسمية بوعودها حقّاً، خاصة بعد أن حجزت "محكمة القضاء الإداري" حُكم دعوىً لوقف إزالة المقابر التاريخية كانت مُقرّرة في الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر الجاري، حسبما أعلن وكيل مُدَّعي "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية".

وكانت إجراءات الهدم قد تسارعت خلال الأشهر الثلاثة الماضية في مصر، شاملةً في طريقها مدافن وبيوت ومتاحف لأعلام الأدب والفكر في البلاد، من آخرها "حوش عُتقاء الأمير إبراهيم"، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1901، حيث أعلنت مبادرة "شواهد مصر" إنقاذ أجزاء منه مثل النصّ التأسيسي الذي يعلو الباب الرئيسي، وقمّة شطفَة زاوية الحوش، والمقرنصات، وذلك من خلال مشروعها "توثيق وإنقاذ الآثار غير المسجّلة في حيّز مشروع توسعة طريق صلاح سالم"، والذي تعمل عليه المبادرة منذ عام 2021.

من جهتها أعلنت محافظة القاهرة، عبر حسابها على فيسبوك، نفيها إصدار أيّ قرار إزالة مُتعلّق بالمنزل التاريخي لأمير الشعراء أحمد شوقي، حسب ما أُشيعَ مؤخّراً، وذلك ضمن خططها التطويرية لإنشاء المحور الطُّرقي المذكور، والذي يستهدف منطقة الإمام الشافعي.
 

المساهمون