آثار تلمسان... في انتظار شوطٍ ثانٍ من الترميم

20 فبراير 2021
قصر المَشْوَر في تلمسان (Getty)
+ الخط -

عادةً ما يُنظَر إلى التظاهرات الثقافية الكُبرى التي تُقام في بعض المدن الجزائرية كفرصةٍ للاستفادةِ مِن موازنات مالية تسمحُ بإنشاء فضاءاتٍ ثقافية جديدة، أو بـ ترميم الفضاءات القديمة والمواقع والمعالم الأثرية والتاريخية الموجودة فيها، وقد حدث ذلك، مثلاً، في مُدُن الجزائر العاصمة التي احتضنت تظاهرة "عاصمة الثقافة العربية" في 2007، وقسنطينة التي احتضنت التظاهرة نفسها في 2015، وتلمسان التي كانت "عاصمةً للثقافة الإسلامية" قبل عشر سنوات.

في تلمسان، غرب الجزائر، التي يقول القائمون على القطاع الثقافي بأنها تحتوي قرابة سبعين في المئة من التراث الأثري الإسلامي في البلاد، ورغم أنَّ ما أحاط بالاحتفالية مِن تُهم فسادٍ جرّت عدداً غير قليل من المسؤولين إلى أروقة القضاء، فإنَّ "عاصمة الثقافة الإسلامية" كانت فرصةً لترميم كثير مِن المعالم التاريخية التي تعود إلى فترات إسلامية مختلفة؛ حيثُ جرى ترميم قرابة مئة معلم تاريخي وأثري قبل انطلاق التظاهرة في نيسان/ إبريل 2011؛ مِن بينها "قلعة المَشْوَر" و"باب القرمادين" و"أسوار أغادير" و"منارة منصورة" ومقام الوليّ الصالح "سيدي بومدين"، إلى جانب المساجد العتيقة؛ مثل "المسجد الكبير"، و"زهرة" و"الخميس" و"سيدي منديل".

بمجرّد انقضاء التظاهرة، عادت عمليات الترميم إلى وتيرتها البطيئة القديمة، كما هو الأمرُ في مختلف المدن الجزائرية، بل إنَّ بعض العمليات التي انطلقت في السنوات السابقة لم تلبث أن توقّفت بعد فترة وجيزة؛ كما هو الأمر بالنسبة إلى مساجد "ابن مرزوق" و"سيدي بلحسن" وصومعة "مسجد سيدي البنة" التي استفادت مِن أشغال ترميم سنة 2013 مِن دون أنْ تستمرَّ إلى نهايتها، رغم الوضع المتردّي الذي تعيشه هذه المعالِم التاريخية التي يعود إنشاؤها إلى فترات الزيانيّين والمرابطين والمرينيّين.

تأتي وعود الترميم بينما انخفضت موازنة وزارة الثقافة للعام الجاري

مؤخّراً، أعلن "الديوان الوطني لاستغلال وتسيير الممتلكات الثقافية" في "عاصمة الزيانيّين" أنه يعكف على إعداد قرابة ثلاثين دراسةً تقنية، استعداداً لاستئناف عمليات ترميم المواقع التاريخية في المدينة، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية عن مدير الديوان، محمد بنازة، والذي أرجع توقُّف الأشغال إلى ما أسماه "مشاكل مادية". وبحسب بنازة، فإنَّ عمليات الترميم ستُركّز، خصوصاً، على المساجد والصوامع القديمة؛ مثل صومعة مدينة الحنايا التي تعود إلى عهد الزيانيّين، والتي قال إنّها تتطلّب بعض الأشغال الخفيفة.

تبدو هذه التصريحاتُ مبشّرةً للمهتمّين بالقطاع الأثري في الجزائر. لكّنها مِن جهةٍ أُخرى، تُثير أسئلةً حول جدّيتها وحول توفُّر رغبةٍ وإمكانيات تضمن عدم تكرار ما حدث مِن توقٌّف في عمليات الترميم سابقاً، خصوصاً أنَّ الاقتصاد الجزائري ليس في أحسن حالاته اليوم مع استمرار انخفاض أسعار النفط في الأسواق الدولية. وربّما مِن المفيد الإشارة، هنا، إلى أنَّ موازنة وزارة الثقافة لسنة 2021 لم تشهد ارتفاعاً، بل على العكس من ذلك، انخفضت مقارنةً بالسنوات الماضية.

المساهمون