"نساء في الموسيقى": أوان المراجعات

22 سبتمبر 2020
حفل لـ ماريا كاياس بتقنية الهولوغرام (لوكسمبورغ، 2018)
+ الخط -

"نساء في الموسيقى؟ من يروي حكاياتهنّ"؛ هذا العنوان-السؤال هو منطلق محاضرة الباحثة والموسيقية الكولومبية خوانا مونسالفي مساء اليوم في عبر "تطبيق زووم". 

في كلمة تقديمية لهذه المحاضرة، تتساءل مونسالفي: أي حضور فاعل للمرأة في تاريخ الموسيقى غير أدائها أدوار السوبرانو في الأوبرا؟ وهو سؤال ماكر على خلفية أن تأدية صوت السوبرانو لا يمكن أن يخرج إلا من حنجرة امرأة، وبالتالي فحتى هذا الحضور يصبح حضور ضرورة وليس حضور اعتراف.

في الحقيقة فإن ما تلامسه الباحثة الكولومبية ليس بالجديد تماماً، حيث نشهد في السنوات الأخيرة اختراق الرؤية النسوية لمجال التاريخ الموسيقي، وبالتالي بدأت تظهر بشكل متواتر مشاريع كثيرة في إعادة كتابة هذا التاريخ من ألفه إلى يائه، ليس فقط بإظهار دور المرأة كمؤدّية بل أيضاً كمؤلفة موسيقية أو قائدة أوركسترا، وقبل ذلك تفسير هذا الغياب.

لعل أبرز مشروع في هذا السياق هو إطلاق موقع بعنوان "ماتريموان" في فرنسا يحاول أن يجمع كل الإنتاج الموسيقي الذي وضعته نساء، وبذلك يمكن المقارنة بين تاريخين للموسيقى بشكل ندّي، وليكون بعد ذلك من الممكن الحديث عن تاريخ كونيّ للفن الموسيقي، وليس تاريخ الرجل (الأبيض) وحده.

لا تزال أصداء هذه الحركة خافتة في العالم العربي، على الرغم من علوّ صوتها وتعدّد المشاريع ضمنها في ثقافات كثيرة قريبة من البلاد العربية جغرافياً وثقافياً. ولعلّ المشاريع التي أطلقت منذ سنوات كتابة تاريخ شامل للموسيقى تحتاج إلى مساهمة عربية جدّية، فمثلاً يمكن أن تكون شخصية مثل أم كلثوم نموذجاً فريداً في العالم، فقد كانت نواة مؤسسة فنية متكاملة يدور حولها الملحّنون والشعراء والعازفون وحتى الأنظمة السياسية. 

يشار إلى أن هذه النزعة لمراجعة التاريخ الموسيقي من منظور نسوي لا تأتي بمفردها بل ترافقها مشاريع أخرى في إعادة كتابة تاريخ الأدب، وتاريخ الفكر، وتاريخ الفنون التشكيلية، وحتى في الميثولوجيات القديمة، وهي مشاريع ينبغي أن يبدأ العرب في الانخراط فيها كي لا تبدو المنطقة متحفاً محنّطاً لا يدخله الضوء والهواء.

المساهمون