يشيع قول بأن الفترة ما بعد القرن الرابع عشر ميلادي (السابع هجري) تمثّل عصر انحطاط في الحضارة العربية، لم يوقفها سوى دويّ مدافع نابليون على مشارف القاهرة، فظهرت خلال القرن التاسع عشر حركة نهضة حاولت استلهام النموذج الغربي، أو العودة إلى ينابيع النهضة العلمية العربية زمن العباسيين.
إلى أي حدّ تمثّل هذه الرؤية للتاريخ قراءة صحيحة؟ وهل تستند إلى مقولات علمية؟ ماذا لو فحصنا وثائق القرون التالية للقرن الرابع عشر؟ تلك منطلقات المؤتمر العلمي الدولي الذي يقام حالياً بين "مدرسة السلطان أحمد" في إسطنبول و"متحف القرآن والمخطوطات" في بورصة، منذ أوّل من أمس، ويختتم اليوم.
يحمل المؤتمر عنوان "مخطوطات القرن السابع الهجري: علوم وأعلام"، وهو دعوة للباحثين للعودة إلى الوثيقة التاريخية بدل الاستناد إلى آراء المؤرخين، وهو ما يحتاج إلى جهد بحثي أوسع يأمل المؤتمر أن يكون أحد محفّزاته.
نقرأ من ورقة تقديم المؤتمر: "ساد الاعتقاد لمدَّة طويلة من تاريخ أدبيات الدراسات في تاريخ العلم أنَّ القرن الرابع الهجري يمثّل عصر الذروة العلمية في الحضارة الإسلامية، ثم تراجع عطاء هذه الحضارة، وكانت قرون الجمود. وإنَّ الناظر في التراث العلمي الذي حملته لنا القرون التالية من الخامس إلى السابع سوف يرى أن تصاعد مستوى الإنتاج العلمي المبدع بقي مستمرًّا ليبلغ ذروته في القرن السابع الهجري، وإن كان الخط البياني للتصاعد كان يعلو ببطء، لكنه بقي في علوٍّ وليس في هبوط، كما يحب أن يصوِّر ذلك بعض الدارسين في تاريخ العلم، تبعًا لآراء بعض المستشرقين".
تضيف الورقة التقديمية: "نحتاج اليوم دراساتٍ أعمقَ وأشمل في تاريخ العلم تتناول مخطوطات القرن السابع الهجري وعلماءه وعلومه، لنجيب في النهاية عن أسئلة مهمَّة، مثل: هل يمكن أن يكون هذا القرن هو عصر الذروة في الحضارة الإسلاميَّة، وليس القرن الرابع الهجري؟ ما هي مرشِّحات القرن السابع الهجري ليكون قرن الأمجاد العلميَّة للحضارة الإسلاميَّة في أوج تألقها؟".