"ليالي الخط والمخطوط": إضاءة على خزائن الأغواط
يشير اين خلدون في مقدمته إلى أنه بحلول القرن العاشر الميلادي، إلى انتشار الأندلسيين في شمال أفريقيا حيث غلبت خطوطهم على الخطوط الأفريقية التي كانت مستخدمة في دواوين الدولة بعد أن شغلوا فيها المناضب، ونُسيت خطوط القيروان والمهدية، وصارت خطوط أهل أفريقيا كلّها على الرسم الأندلسي.
وكُتبت بهذا الخط معظم نسخ المصحف التي تعود إلى تلك الفترة، وغيرها من المؤلّفات التراثية التي يُعرض جانب منها في الدورة الخامسة من "ليالي الخط والمخطوط" التي انطلقت فعاليتها مساء الخميس الماضي في "المتحف العمومي الوطني للخطّ الإسلامي" بمدينة تلمسان (500 كلم غرب الجزائر العاصمة) وتتواصل حتى نهاية شهر رمضان.
التظاهرة التي تنظّم بالتعاون مع "المركز الوطني للبحث في العلوم الاسلامية والحضارة" في الأغواط، تهدف إلى التوعية بقيمة المخطوطات صنعةً ومضموناً عبر جرد بعض خزائن المخطوطات لولاية الأغواط وتقريبها من الباحثين والمهتمّين، فـضلاً عن إبراز دور التكنولوجيا في حماية التراث المخطوط، والمحافظة على تقاليد نسخ المخطوطات وتثمين الخطوط المحلية، وتبادل المعارف والخبرات بين مختلف المؤسّسات المتخصّصة لحماية ودراسة المخطوطات، بحسب بيان المنظّمين.
ويتضمّن البرنامج ندوة بعنوان "المخطوطات روافد للذاكرة وحوامل للمعرفة" يقدّم خلالها الباحث والأكاديمي أحمد بن صغير مداخلة بعنوان "الخزائن العائلية بالجزائر بين الإفراط والتفريط"، إلى جانب مداخلة أخرى بعنوان "تقنيات التعامل مع المخطوط: إشكالية تعدد النسخ نموذجاً" للباحثة إكرام بن عيسى، كما تُعقَد ورشة تدريبية في الخطّ العربي يديربها الأكياديمي محمد بن عزوزي وتتناول خطّ النسخ والثلث.
كما يقام معرض لمخطوطات خزانة المركز الوطني للبحث في العلوم الإسلامية والحضارة لولاية الأغواط، التي تضمّ كتباُ منها "التاريخ الأوسط" للبخاري، و"البيان والتبيين" للجاحظ، و"الفوائد" لابن القيم الجوزية، و"تاريخ الخلفاء" و"الاقتراح في أصول علم النحو" لجلال الدين السيوطي، و"أساس البلاغة" للزمخشري، و"الإيجاز في شرح سنن أبي داوود السجستاني" للإمام النووي، و"الباعث الحثيث.. شرح اختصار وعلوم الحديث" للحافظ بن كثير، إلى جانب نسخ من القرآن محفوظة منذ مئات السنين.