"كورال الفيحاء".. عن الفنّ ونشيد الحُزن اللبناني

05 مايو 2022
صورة من حفل سابق لـ"كورال الفيحاء"
+ الخط -

يعيش لبنان منذ أكثر من سنتين أزمةً فارقة في تاريخه الحديث، وهي تلقي بظلالها، يوماً بعد يوم، على نواحي ومناشط مختلفة. لكن تبقى الثقافة، بتنوّع حقولها، هي الإطار الذي يوحّد الفنّانين دائماً، فمن خلالها يحاولون النّفاذ إلى جمهور واسع وملامسة قضاياه. لذا، باتت أغلب الفعاليات المُقامة من معارض تشكيلية وحفلات موسيقية وغيرها، تصطبغ بلونٍ من المواساة والحزن، تبعاً لنوع المأساة الراهنة. 

"كورال الفيحاء يشدو حزناً على شهداء البحر أبناء الفيحاء"، هذا هو العنوان الذي اختاره "كورال الفيحاء"، بقيادة المايسترو بركيف تسلاكيان، لأمسيته الغنائية الأخيرة التي أقامها على مسرح "قصر الأونيسكو" في العاصمة بيروت، مساء السبت 30 نيسان/ أبريل الماضي. ويبدو التلازم واضحاً بين هذا الحدث الفني، والفجيعة الأخيرة التي ألمّت بمجموعة المهاجرين، الذين ينتمون إلى مدينة طرابلس الواقعة شمالي لبنان، إثر غرق مركبهم في البحر، يوم 23 من الشهر الماضي، مخلّفاً عشرات الغرقى والمفقودين.

ليست هذه المرّة الأولى التي يحضر فيها الكورال بمواكبته الإنسانية، خاصّة خلال العامين الماضيين، إذ تركَ بصمته سواء في فترة انتشار جائحة كوفيد - 19، أو بعد كارثة انفجار المرفأ في 4 آب/ أغسطس 2020، بمعنى أنّ الحفل الأخير، جاء في سياق الرؤيا الكبرى التي يحملها، وإيمانه بدور الفنّ في الأزمات. 

من الجدير بالذكر أنّ "كورال الفيحاء" تأسّس عام 2003، واتّخذَ من مدينة طرابلس - التي تشتهر بلقب "الفيحاء" -  نقطة انطلاق له، قبل أن يتوسّعَ بفرعين آخَرين، الأوّل في بيروت (2016)، والثاني في القاهرة (2017). ويضمّ قرابة 150 مغنّياً ومغنّية، كما يمزجُ في المقطوعات التي يؤدّيها بين التراث العربي والغناء بلُغات ثانية كالإنكليزيّة والفرنسية، وقد استحقّ عبر مشواره هذا عدداً من الجوائز المهمّة على المستويَين الفنّي والإنساني مثل جائزة "مهرجان وارسو الدولي للكورالات" (2005)، وجائزة "الحقوق الموسيقيّة" (2016)، لنشاطه في مجال الدعم النّفسي والاجتماعي للمهمّشين واللاجئين.

 

المساهمون