"حبيبي فنك".. عودة إلى زمن موسيقي بات منسياً

27 مايو 2021
الموسيقار الجزائري أحمد مالك (1931 - 2008)
+ الخط -

لا يمكن لمتجر بيع أشرطة وأقراص موسيقية، في عواصم مثل برلين وباريس، ألّا يضمّ قسماً لما بات يُعرف، في أجواء التصنيف الموسيقي في الغرب، بـ"موسيقى العالَم". في رفٍّ يحتوي الأعمال التي تُصنَّف تحت هذا البند، يجد المتجوّل ما يستعصي على أصحاب المتاجر الموسيقية تصنيفه تحت خانات مثل "الجاز" و"البلوز" و"الكلاسيك" و"البوب" وغير ذلك من التصنيفات الشائعة أوروبياً.

وتلعب اللغة، وكذلك بُعد اللون الموسيقي أو الغنائي عن الألوان الأوروبية، أو محاكاتها لها بأسلوبها الخاص، دوراً أساسياً في اختيار الأقراص أو الأشرطة التي تُصنَّف ضمن "موسيقى من العالَم"، وكأنّ الموسيقى الغربية تمثّل عالماً خاصّاً، مركزياً، وبقيّة موسيقات الكوكب تابعةٌ يجري تعريفها انطلاقاً من هذا المركز الغربي. ويبدو هذا التقسيم في شدّة المركزية عندما نقرأ هذه التسمية باللغة الإنكليزية، التي غالباً ما تُصنِّف الألوان غير الغربية فيها تحت خانة "الموسيقى الإثنية" أو "العِرقية"، وكأن الموسيقى الغربية لا "إثنية" لها؛ وهو انعكاسٌ، في المجال الموسيقي، للعماء اللوني الذي يدفع إلى تسمية غير البِيض بأنّهم أشخاصٌ ملوَّنون، وكأنّ ذوي البشرات البيضاء بلا لون.

على أيّ حال، فإنّ أرفُفَ الموسيقات العالمية غالباً ما تكتنف مفاجآتٍ واكتشافات تحمل المسرّة لمن يقع عليها، وهو يقلّب الأقراص واحداً تلو الآخر. ومن هذه الاكتشافات ما نصادفه من أشرطةٍ لفنّانين عرب لم ينالوا الكثير من الشهرة، أو باتوا ضحيّةً للنسيان، كهؤلاء الذين يقوم ليبل "حبيبي فنك" (Habibi Funk)، في برلين، بإصدار أعمالهم منذ عدّة أعوام في أقراص فينيل أنيقة، وهي في الأغلب أعمالٌ لأسماء باتت اليوم شبه مجهولة لدى الجمهور الكبير، مثل السودانيَّين شرحبيل أحمد وكمال كيلا، واللبنانيَّين عصام الحاج علي وروجيه فخر، والجزائري أحمد مالك، أو فرقة "دالتون" التونسية.

تأسّست "حبيبي فنك" قبل نحو خمسة أعوام على يد يانيس شتورتز، وهو شابّ ألماني مهتمّ بالموسيقات العربية ولا سيّما تلك التي رأت النور في بلدان عربية ـ أفريقية (مصر والسودان وبلاد المغرب العربي) بدءاً من ستينيات القرن الماضي. منذ تأسيسه، أصدر الليبل نحو عشرين فينيلاً (أو قرصاً موسيقياً للغرامافون) لموسيقيّين عرب، جاءت نتيجةً لعمل بحثيّ وتجميعي لتجارب أضاءت لسنوات قليلة في النصف الثاني من القرن العشرين، قبل أن يغطّيها غبار النسيان.

يُصدر "حبيبي فنك" فنيلاً مطلع آب/ أغسطس المقبل، يحمل عنوان "مختارات موسيقية متنوّعة من العالم العربي"، ويضمّ مقطوعاتٍ لفنّانين؛ مثل مجدي الحسيني، ومنير خولي، ونجيب الحوش، وطوني بن فغالي، وزُهرة. أمّا آخر إصدارات الليبل، فقد كان قرصاً، صدر في نيسان/ إبريل الماضي، ويضمّ ثماني عشرة مقطوعة من أعمال الموسيقي اللبناني روجيه فخر، الذي غنّى بشكل أساسي باللغة الإنكليزية، على إيقاع غيتاره الذي يُعيدنا ليس فقط إلى لبنان السبعينيات والثمانينيات، بل إلى السبعينيات والثمانينيات بشكل عام.

المساهمون