"بلدي تحت جلدي" لـ جيوكوندا بيلي: سيرة الثورة ومآلاتها

06 سبتمبر 2022
جيوكوندا بيلي، في العاصمة النيكاراغوية ماناغوا، 23 آب/ أغسطس 2016 (Getty)
+ الخط -

كتابٌ عن الثورة والتمرّد، عن المعارضة والسلطة، وزمن الانقلابات الكبرى، ثمّ الخيبات التي تلي ذلك، الخيبات غير المتوقّعة، والتي لا يكون الآخر منبعها، بقدر ما تبدو نتيجة تراكم لسياساتٍ ورؤىً من الذات نفسها على مدى السنين. كذلك هي السيرة الذاتية للشاعرة النيكاراغوية جيوكوندا بيلي (1949) الصادرة ترجمتُها العربية حديثاً عن "دار المدى"، بعنوان "بلدي تحت جلدي" وحملت توقيع المترجِم المصري أحمد عبد اللطيف.

يكشف العمل سيرة حياة امرأة كانت شاهدةً على عصر من التحوّلات التي عاشها بلدُها، منذ التحاقها بالعمل الثوري مطالع السبعينيات وانشقاقها عن عائلتها - التي تصفُها بـ"البرجوازية" -، وهي في عمرٍ لايتجاوز العشرين عاماً، وجمعِها إلى جانب ما سبق القدرة على الكتابة الأدبية عموماً، والشعرية على وجه الخصوص.

وعلى غرار الناشطين الثوريين وحيواتهم السرّية، لا يكشف الكتاب كلّ الشخصيات أو الدوائر التي عملت فيها صاحبة "اللّامتناهي في راحة اليد"، فالجانب الخفي ما زال يتمتّع بهالة من القُدسية، والتنظيم السرّي – وإن أفلَ زمانُه – له ما له في مذكّراتها، وهذا ما نلاحظه مع "الشاعر" الذي يردُ ذكرُه دون أن تفصح عن شخصيّته الحقيقية.

الصورة
بلدي تحت جلدي - القسم الثقافي

تبقى الميزة الأكثر لفتاً للانتباه في عملها هي كثافة المواقف التي تمتزج ببعضها بعضاً، قصص الغرام والزواج، مع النضال في "الجبهة الساندينية" ضدّ نظام سوموثا، وحكاية التخلّص من زواج فاشل مع الالتزام – بعد تلك التجربة الفاشلة – بالقضية النسوية.

كذلك الموضوعات الكُبرى في الأدب الثوري تحضر بقوّة، فمن النجاة من محاولات الاعتقال والاغتيال، إلى تجربة المنفى في المكسيك وكوستاريكا، إلى الحديث عن الانقسامات التي عصفَت بالحركة الثورية، وغياب الخطاب السياسي لصالح الراديكالية المُغامِرة والطاغية، تأثُّراً بأيديولوجيا الحركات الاشتراكية – في ذلك الحين – التي ما إن وصلت إلى السلطة، حتّى تكشّفت عن أنظمة متسلّطة ما زالت قائمة إلى اليوم.

وبعد سبع سنوات من الثورة تجدُ "الثائرة السابقة" نفسها مضطرّة لمغادرة بلدها، وترك رفاق الأمس ليديروا شؤون سلطتهم التي ابتلعتهم، فتحزم أمتعتها وتعود إلى حياة المنافي بحلول عام 1986.

يُشار إلى أنّ الكاتبة حازت جوائز عدّة في مسيرتها الأدبية، كما سبق وتُرجمت بعض أعمالها إلى العربية مثل روايتيها: "المرأة المسكونة"، و"اللامتناهي في راحة اليد". أمّا المترجم أحمد عبد اللطيف فهو باحث في "جامعة أوتونوما دي مدريد" بإسبانيا. نقل عن الإسبانية ما يناهز العشرين كتاباً، وفي رصيده سبع روايات، آخرُها "دانيال في مدينة الخيوط" الصادرة حديثاً عن "العين" للنشر.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون