"الهيروغليفية": من ابن وحشية إلى شامبليون

10 أكتوبر 2022
من معبد الملك أمنمحات الثالث، من الأسرة الثانية عشرة (من المعرض)
+ الخط -

لا تزال الفعاليات متواصلة في مصر وأكثر من أربعين بلداً حول العالم ــ بما فيها من متاحف أو أجزاء من متاحف متخصّصة في الحضارة المصرية القديمة ــ بمناسبة مرور مئتي عام على فكّ رموز الكتابة الهيروغليفية، والذي أتاح حينها التعرف على هذه الحضارة التي لا تزال تختفظ بالعديد من الأسرار حتى اليوم.

وفي الوقت التي تعلن العديد من المؤسسات الفنية العالمية عن استضافتها لمعارض حول الفراعنة، فإنها تتجاهل الإشارة إلى أن مقتنياتها في هذا المجال تمّ الحصول عليها غالباً بطريقة غير شرعية، بل ولا تزال الحكومات الغربية ترفض الاعتراف بعمليات نهب قام بها قناصل وعلماء آثار يمثّلونها منذ القرن السادس عشر.

"الهيروغليفية: فكّ شفرة مصر القديمة" عنوان المعرض الذي يُفتتح الخميس المقبل في "المتحف البريطاني" بلندن ويتواصل حتى التاسع من شباط/ فبراير 2023، ويعود إلى تلك اللحظة التي قرأ فيها عالم اللغة الفرنسي جان فرانسوا شامبليون (1790-1832) نقش حجر رشيد، واستطاع أن يضيء تاريخاً يمتدّ لأكثر من ثلاثة آلاف عام.

يتتبّع المعرض سلسلة من الاكتشافات والمحطّات المهمّة في تطوّر علم المصريات من خلال عرض حوالي مئتين وأربعين قطعة أثرية، يتصدّرها اكتشاف حجر الغرانيت الأسود، الذي يشكّل جزءاً من لوح أكبر مكسور اكتُشف عام 1799 بالقرب من مدينة رشيد في دلتا النيل - لذلك حمل اسمها - على يد جنود نابليون أثناء احتلالهم مصر.

(الحوض المسحور من زمن الأسرة السادسة والعشرين، من المعرض)
("الحوض المسحور"، من زمن الأسرة السادسة والعشرين، من المعرض)

لكنّ هزيمة نابليون عام 1801، بحسب المنظّمين، ستجعل الحجر ملكاً للبريطانيين بموجب شروط معاهدة الإسكندرية، ليصبح جزءاً من مقتنيات "المتحف البريطاني"، حيث بدأ الفيزيائي البريطاني توماس يونغ بمحاولة فهم رموزه، لكنّ ذلك لم يحصل إلّا مع شامبليون سنة 1822، الذي فكّ شيفرة مرسومٍ صدر عام 196 قبل الميلاد من قِبَل كهنة ممفيس، يسرد بعض أعمال الملك وإنجازاته.

توضّح معروضات أخرى كيف تمّت قراءة القصائد والنصوص الأدبية التي كتبها الفراعنة، خاصّة تلك التي تتحدّث عن الإيمان والبعث، ومعاهداتهم الدولية مع بلدان الجوار، وقوائم صادراتهم إليها، والإقرارات الضريبية، بالإضافة إلى نصوصهم حول الطبخ والنكات ورسائلهم اليومية.

كما يضيء المعرض دور العالم العبّاسي أبو بكر أحمد بن وحشية، الذي عاش في القرن التاسع الميلادي، والذي تمكّن من فك بعض حروف الهيروغليفية المصرية القديمة، من خلال ربطها باللغة القبطية التي تستخدم في الكنائس.

ويُعرض أيضاً "الحوض المسحور"، وهو تابوت كبير من الغرانيت الأسود مغطّى بكتابات هيروغليفية من حوالي 600 قبل الميلاد، حيث يعود إلى زمن الأسرة السادسة والعشرين، وكان يُعتقد أنه قوى سحرية كانت تتحكّم بطقوس الحمّام فيه، إلى جانب بردية مزخرفة من "كتاب الموتى" تعود لـ3000 عام، ويبلغ طولها أكثر من أربعة أمتار وتُعرض إلى جانب أربع من الأواني الكانوبية، التي كانت تُستخد لحفظ أعضاء من جسم المتوفّي.

المساهمون