"المُعْلِم بفوائد مُسْلم": في عودة تحقيق الكتب التراثية

23 اغسطس 2021
مهدي قطبي/ المغرب
+ الخط -

هناك تقلّص ملحوظ، مقارنة بالقرن الماضي، في تحقيق الكتب التراثية وإعادة نشرها، وهو ما يدلّ على تغيّرات في ثقافتنا العربية على مستوى العلاقة مع التراث، دون أن يعني ذلك التوقّف بشكل تام عن تحقيق الكتب التراثية.

من ذلك إصدار كل من "المجمع التّونسي للعلوم والآداب والفنون - بيت الحكمة" و"دار سحنون للنّشر" كتاب "المُعْلِم بفوائد مُسْلم" مؤخراً في ثلاثة مجلّدات، وهو عمل لأبي عبد الله المازري، وصدر بتحقيق محمّد الشّاذلي النّيفر.

بحسم تقديم "بيت الحكمة"، فإن "أهمّية هذا الكتاب تتأتّى من شهرة مؤلّفه، الذي اعتَرف له القدماء بالإمامة، بل إنّ ابن دقيق العيد اعترف له بالاجتهاد، بما أنّه لم يكن مجرّد فقيهٍ مالكي مقلّد. ويبرز تضلّعه من خلال عودته إلى أحد أصول الفقه الأساسية، نعني الحديث النّبوي، واستنباط الأحكام الشّرعية بصفة مباشرة، دون وساطة الإمام مالك".

كتاب "المُعلم" يمثّل شرحاً لأحد كتب الحديث الأكثر اعتبارا عند المغاربة وهو صحيح مُسلم. لم يقتصر المازري على الشّرح الشّكلي القائم على تفسير الألفاظ الغريبة، أو معالجة الأسانيد، بل اعتمد على استخراج ما يسمّيه بـ"المعاني السّامية" في الحديث، واستنباط الأحكام الشّرعية.

يتكوّن الكتاب من قسمين: قسم الدّراسة، وقسم النّصّ المحقّق. كما وضع المحقق نبذة تاريخية حول العصر الزّيري الّذي عاش فيه المازري، ثم عرّف بمؤلّفاته الّتي ناهزت 11 عنواناً، وتناول أيضاً التعريف بتلاميذه ومنهم القاضي عياض وابن رشد الحفيد. وهؤلاء التلاميذ ليسوا مجرّد مرافقين، فالكتاب قد كتب بطريقة الإملاء من خلالهم.

لمعلم في صحيح مسلم

وُضع كتاب "المُعْلِم بفوائد مُسْلم" سنة 499 هجرية، وبقي المازري ينظر فيه ويهذّبه لسنوت، وإضافة إلى نسخته التونسية توجد منه نسخ في المغرب ومصر والمدينة المنوّرة، وهي النسخة التي اعتمدها المحقّق على اعتبار أنه وجد أنها النسخة الأخيرة. 

المساهمون