بعد إلغائه العام الماضي بسبب انتشار جائحة كورونا التي عطّلت معظم الأنشطة الثقافية في البلاد، تنطلق، الخميس المقبل، فعاليات الدورة السابعة والعشرين من "المعرض الدولي للنشر والكتاب" في العاصمة المغربية، وتتواصل حتى الثاني عشر من حزيران/ يونيو المقبل.
التوقّف الإجباري نحو سنتين لم يدفع المنظّمين إلى إعادة النظر في العديد من الانتقادات التي وُجهت إلى التظاهرة التي تأسّست عام 1994، حيث أشار العديد من الكتّاب والصحافيين إلى تكرار الأسماء ذاتها طول السنوات الماضي، في استضافات لم تستقطب الجمهور الذي عزف عن متابعاتها.
كذلك سُجّلت ملاحظات عديدة حول فوضى اختيار المواضيع المطروحة للنقاش في برنامج ثقافي يتقصّد معدّوه إبراز الأسماء المشاركة أكثر من الظواهر والقضايا، وأصبح حضور بعض المؤسّسات الثقافية المغربية والعربية التي لا صلة مباشرة لها بإصدار الكتاب وصناعته موضع اهتمام المنظّمين أكثر من مشاركة دُور النشر.
لكن الدورة الحالية تختلف عن سابقاتها في مكان استضافتها الذي انتقل من الدار البيضاء إلى الرباط، بسبب تحويل الفضاء الذي دأب على احتضان التظاهُرة في المدينة الأولى إلى مستشفى ميداني مُخصّص للمصابين بفيروس كورونا، إضافة إلى أن الرباط تحتضن تظاهرتي "عاصمة الثقافة الأفريقية" و"عاصمة الثقافة الإسلامية" خلال العام الجاري، ما يعني إدراج معرض الكتاب ضمن الفعاليات والتظاهرات الثقافية التي تُقام في إطار التظاهُرتَين.
ورغم أنّ موقع المعرض تغيّر لدورة واحدة فقط - حيث يُنتظَر أن يعود إلى موقعه السابق في الدورة المقبلة - فإنّ ذلك لم يمنع عدداً من المثقفين المغاربة من اقتراح انعقاده في مدن أخرى بهدف "توزيع المكتسبات الثقافية بعدالة" بينها، وعدم احتكار الدار البيضاء، المدينة الأكبر سكّاناً، والعاصمة الاقتصادية للمغرب، تنظيمه.
وطرح كتّاب آخرون مسألة إشراك الفاعلين الحقيقيين في صناعة النشر المغربية، بالتخطيط والتنظيم للحدث الذي يعنيهم بالدرجة بالأولى، وعدم إقصائهم كما يجري كلّ عام لأجل تصوّرات وزارة الشباب والثقافة والتواصل والنخب المرتبطة بها.
من جهة أُخرى، يشكّل الأدب الأفريقي، الذي يحلّ ضيفاً على الدورة، اهتمام العديد من المثقفين الذي عبّروا عن رغبتهم في حضور حقيقي لثقافة "القارّة السمراء" التي لا تزال الروابط بينها وبين الثقافة العربية لا ترقى إلى تفاعلهما الحضاري الممتدّ لمئات السنين.
يُذكر أنّ أكثر من سبعمئة دار نشر تمثّل نحو خمسة وخمسين بلداً تشارك في الدورة الحالية، إلى جانب مشاركة كثيفة للمراكز الثقافية الأوروبية في المغرب، كما أُعلن عن برنامج ثقافي تشارك فيه قرابة ثلاثمئة وثمانين ضيفاً.