بجلستَيْن عُقدتا صباحاً، اختُتمت اليوم الأحد فعاليات "المؤتمر الثاني للباحثين السوريين في العلوم الاجتماعية" الذي انطلق في الخامس عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري، بتنظيم "مركز حرمون للدراسات المعاصرة" بالشراكة مع مجلّة "قلمون" و"الجمعية السورية للعلوم الاجتماعية".
وجاءت الدورة الثانية من المؤتمر ــ كما كان الحال في الدورة الأولى التي أُقيمت العام الماضي ــ في صيغةٍ افتراضية، بسبب تداعيات جائحة كورونا التي حالت دون تنظيمه على أرض الواقع في إسطنبول، حيث قدّم المشاركون أوراقهم عبر بثّ مباشر على صفحة "حرمون" في موقع "فيسبوك"، متوزّعين على ثماني جلساتٍ عُقدت على مدار أربعة أيام بحثية (15 و16 و22 و23 من الشهر الجاري). ومثل العام الماضي، حملت الدورة الحالية شعار "الحرية الكاملة للباحثين الاجتماعيين".
وقد قاربَ مجملُ الأبحاث المُقَدَّمة الأوضاع السياسية والاجتماعية التي يعيشها البلد، إن كان من منظورات اقتصادية وقانونية وتاريخية، أو عبر التحليل السياسي والشهادة. وبدت واضحةً رغبةُ الباحثين المشاركين في توصيف الواقع الذي يعيشه السوريون، وتفكيك المسائل التي تعيق ذهابه نحو حلولٍ مُرْضيةٍ لشعب خرج إلى الشوارع قبل أكثر من عقد مطالباً بحرّيته وكرامته.
كما شهدت هذه النسخة الثانية من المؤتمر عدداً من الأوراق التي شاءت مُساءلة الراهن السوري بشكل غير مباشر، من زوايا ثقافية وفكرية وأدبية أو نفسية، حيث شهدنا مداخلاتٍ تناولت المنهجية في العلوم الاجتماعية وتعريب مصطلحاتها، وراهن الفنّ الثوري، وأُخرى توقّفت عند قضيّة الهوية أو تمظهُر الوضع الاجتماعي للسوريات في الكتابة الروائية، أو الأحوال الاقتصادية والنفسية لسورياتٍ يعشن في دول اللجوء.
وقد طغى الهمّ السياسي، إن كان حول الواقع القائم أو المستقبل القريب، على الجلسة الختامية التي عُقدت اليوم، والتي دارت بشكلٍ أساسيّ حول مسألة إعادة إعمار سورية، إلى جانبٍ ورقةٍ حول راهن الفن السوري. أمّا الجلسة السابعة، التي عُقدت أيضاً صباح اليوم، فقد تناولت مسائل التماسك المجتمعي، والطائفية، والهوية. وشكّلت هذه الجلسة، التي ساءلت الخريطة الاجتماعية السورية منذ الانتداب الفرنسي وحتى اليوم، امتداداً لجلسة الأمس الثانية التي تمحورت حول قضايا الأقلّيات في البلد، إن كان لجهة الاضطهاد الذي عانت منه أمام سياسات دولة الأسد، أو لجهة "المسألة الكردية" أو حقوق المرأة المسيحية في سورية وفي المنطقة عموماً.
أمّا الجلسات السابقة، فقد تمحورت حول أسئلة مثل الأبعاد القانونية للقضية السورية (الجلسة الرابعة)، أو مسائل التنمية الاقتصادية وعنف الكيانات شبه العسكرية الداعمة لنظام الأسد (الجلسة الخامسة)، أو حول مسائل الدين والعلمانية (الثالثة) والثورة ومآلاتها (الثانية).
ورغم الجهد الملحوظ من القائمين على المؤتمر للذهاب بنسخته الثانية هذه إلى نتيجةٍ أفضل وأكثر جودةً من تلك التي ظهرت بها النسخة الأولى، إلّا أن الجلسات التي شهدتها هذه الأيام الأربعة من دورته الثانية لم تكن خاليةً من التفاوُت في الأوراق، التي بدا بعضُها أقلّ جودةً من المنتظَر منه. كما يُسَجَّل غيابُ قسمٍ من الباحثين السوريين عن المشاركة في مؤتمر مثل هذا يُخشى عليه أن يكتفي بجانب واحد من اشتغالات السوريين في العلوم الاجتماعية.