"السلطة الرابعة".. مونودراما عن زمن ثوري

03 يوليو 2022
الفنّان خالد هويسة أثناء العرض
+ الخط -

ما قبل 14 كانون الثاني/ يناير 2011 ليس كما بعده، هذا ما يشهد به حال العالم العربي وليس فقط تونس التي ارتبط بها ذلك التاريخ مع إعلان سقوط الحكم الاستبدادي فيها. وقد واكبت الصحافة ذلك الحدث وارتداداته، وتأثيرات الأنظمة الشمولية على السلطة الرابعة، وتبيّن أنّ مسار هذه العلاقة فيه الكثير من المنعرجات قبل وبعد إنهاء النظام الشمولي.

"السلطة الرابعة" عنوان العرض المسرحي الذي احتضنت عرضَه ما قبل الأوّل "قاعة الفن الرابع" في تونس العاصمة مؤخّراً، وجاء بتوقيع من عبد القادر بن سعيد مخرجاً، وناجي الزعيري كاتباً، وخالد هويسة ممثّلاً.

تنطلق المسرحية من حساسية المواجهة بين الصحافة والسلطة، وكيف يُمكن للأولى أن تواجه الثانية لا أن تتقولبَ مع أوامرها ووضعياتها، وهذا ما يفتح الباب للتفكير بطريقة جدلية، كلّ سؤال يستبطن في ذاته سؤالاً جديداً آخر. فالصحافة أيضاً لها سلطتُها وأدواتُها التي تُمكّنها من الكشف والعبور إلى جمهور عريض تخشاه السلطات، وهذا ما برهن عليه العمل الذي قُدّمَ أمام حشد غفير من الجمهور.

تتكثّف في شخصية "علي الشامخي"، البطل الوحيد للمسرحية، أبعادٌ مونودرامية، الأمر الذي ينحو بالعمل بعيداً عن أن يكون تحت تصنيف "وان مان شو". وإن كان الأداء يقتصر فحسب على الفنان خالد هويسة الذي عاد إلى الخشبة بعد سنوات من الانقطاع.

تَعرِضُ "السلطة الرابعة" حياة شابّ طَموح يحلمُ بأن يكون الصحافي الذي تقود كتاباتُه إلى التغيير الجذري، لكن أمام صخرة الواقع تتلاشى الأحلام وتتبدّد، ويجدُ الفتى نفسه وقد استحال إلى بوق من أبواق سلطة رأس المال. ومع اندلاع الثورة كلّ ما فعله أنّه قولبَ خطاباً مختلفاً ليتماهى مع الموجة الجديدة.

تقاطعت في العمل جملة من الدوافع التي عزّزت تقديم صورة جريئة، فالنص أوّلاً خطّه الزعيري وهو بالأساس كاتبٌ جاء من عالم الصحافة ويعرف خباياها، في حين حقّق هويسة في تجسيده شخصية البطل التوازن ما بين المراحل التي عبَر بها، وهي أشبه بانقلابات نفسية ودرامية مُنعكِسة عن واقع سياسي حقيقي. كما تركت الخشبة بتأثيثها المتقشّف، سوى من مشجب وفانوس أحمر وكرسي، الباب مفتوحاً أمام مخيّلة المشاهد ليملأها، أو بالأحرى ليعبر بها إلى الفضاء الملموس الذي عايشه وكان جزءاً منه.

 

المساهمون