اليوم، وأكثر من أي وقت آخر، باتت مقولة "المواطن الصحافي" تفرضُ نفسها على وسائل الإعلام والعاملين فيها. إذاعاتٌ - آخرها الراديو العربي من "بي بي سي" - وصُحف ورقية كُبرى تعلن إغلاقها، في ظلّ تنامي الوسائل البديلة، بما تمتاز به من سرعة وخفّة. حيث اختزل الهاتف الجوّال (الموبايل) كثيراً من الأدوات ليضعها في جيب المواطن العادي.
ويشهد العالم العربي، في السنوات العشر الماضية، على قدرة المواطن العادي على خلق البديل، بعيداً عمّا تفرضه عليه الرقابات المحلّية والسلطوية، حيث استطاعت الأيادي المهتزّة أن تنقل أشدّ اللحظات ثورية في الشوارع العربية.
السودان واحدٌ من البلدان العربية التي شهدت حراكاً تغييرياً ومواجهات بين قوى عسكرية وحركات شبابية. كذلك يمكن الحديث عن حضور قوي لأفكار وأدوات الإعلام البديل في البلد، نتيجة هذه التطوّرات البنيوية، ومن ذلك "مهرجان الخرطوم لسينما الموبايل" الذي انطلقت دورته الأولى قبل أربع سنوات، وها هي الدورة الثانية منه تعود لتُعقد من جديد تحت شعار "حرّية وإبداع".
في 13 سبتمبر/ أيلول الماضي، أُعلن في مؤتمر صحافي عن إطلاق هذه النسخة الثانية من المهرجان، والبدء بمرحلة استقبال الطلبات التي تمتد حتى 27 من هذا الشهر، مع إتاحة رابط المشاركة عبر موقع المهرجان على الإنترنت (kimff.napta.media) أمام جمهور عمومي من الهواة والمحترفين على حدٍّ سواء، دون شروط مباشرة تُذكَر عن خلفية المُشارِك أو انتماءاته.
تشهد الفعالية أنشطة موازية من بينها معارض فنية وورش تدريب
يُشار إلى أنّ مَحاور التظاهرة تتوجّه صوب خمسة مواضيع عمومية، هي: "قضايا الشباب الاجتماعية والثقافية والسياسية"، و"العادات والتقاليد والتراث"، و"التعايش والسلم الأهلي"، و"الظواهر السالبة والحميدة"، مع الإشارة إلى ضرورة أن تكون موضوعات الأعمال المشاركة من تلك "التي لا تثير الفتن والحساسيات والنعرات الجهوية والدينية".
وبعد إغلاق باب التقديم، من المقرّر أن تُختتم فعاليات المهرجان يومي 1 و2 نوفمبر/ تشرين الثاني المُقبل، وذلك بإعلان أسماء الفائزين عن الفئات الثلاث الرئيسية في التظاهرة؛ وهي: "الفيلم الوثائقي" (5 دقائق)، و"الفيلم الدرامي" (5 دقائق)، و"التقرير الإخباري" (90 - 160 ثانية)، بالإضافة إلى مسابقة "الصورة الفوتوغرافية".
إلى جانب ما سبق، تنتظم في الفعالية مجموعة أنشطة رديفة، مثل معرض للتصوير الفوتوغرافي وآخر تشكيلي، ودورة في صحافة الموبايل كانت قد أُجريَت يوم السبت الماضي بعدد من جامعات العاصمة وعبر الإنترنت، كذلك يشهد المهرجان جوائز تشجيعية مثل "جائزة الجمهور".
إلّا أنّ الحدث الأهمّ لهذه الدورة، هو إطلاق جائزة باسم الصحافية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، التي اغتالتها قوّات الاحتلال الإسرائيلي في 11 مايو/ أيّار الماضي، والجائزة موجَّهة بشكل خاصّ للتقارير الإخبارية المُنتجَة عن طريق الموبايل، ويرى منظّمو المهرجان أنّها تأتي في سياق "تخليد الإعلاميين الذين يقدّمون أنفسهم فداءً لقضيّتهم".