كغيرها مِن التظاهرات الثقافية الكثيرة التي جرى إلغاؤها أو تأجيلُها بسبب الإغلاق الذي فرضه انتشارُ جائحة كورونا في تونس، تأجّلت تظاهرةُ "أيام قرطاج المسرحية"، التي كان مقرَّراً تنظيم دورتها الثانية والعشرين في مايو/ أيار الجاري، إلى إشعار لاحق. لكن، يبدو أنَّ الرغبة في عدم ترك المشهد المسرحيِّ فارغاً تماماً هي ما دفع القائمين عليها لاقتراح تظاهُرة افتراضية بديلة باسمِ "أسبوع للمسرح التونسي".
بدا بيانُ اللجنة المنظِّمة، الذي أَعلنت مِن خلاله عن ميلاد التظاهُرة الجديدة، بمثابة تقريرٍ "أسود" عن الوضعِ الذي تعيشُه الساحة المسرحية في البلاد طيلة أكثر مِن سنة؛ حيثُ أشارت إلى أنَّ تأجيل التظاهُرات الثقافية وإلغاءَ بعضها الآخر وإيقافَ العروض المسرحية تسبَّبت في أضرار كبيرة على المستويَين الفنّي والاقتصادي. أمّا ملامحُ هذا الوضع، فيشخِّصُها البيان في إغلاق أبواب القاعات، وتكدُّسِ المشاريع المسرحية مِن دون أن ترى النور على الخشبة، ودخولِ العاملين في القطاع في وضع اقتصادي حرِج، ليخلُص إلى أنَّ "الساحة الثقافية لم تشهد موسماً مسرحياً أكثر قتامة من موسم 2019/ 2020 الذي امتدّ حتّى السنة الحالية".
كان موسم 2019/ 2020 الأكثرَ قتامةً في المشهد المسرحي التونسي
تُمثِّل تلك المعطياتُ مدخَلاً للإعلانِ عن الأسبوع المسرحي الذي يُقدِّمه منظِّموه كبديل مؤقَّت لـ"أيام قرطاج المسرحية" التي انطلقت عام 1983، على أمل أن يُسهِم في "خلق حركية مسرحية، وإعادة الروح للمسرح والمسرحيّين، وبثِّ الحياةِ في الفضاءات المهجورة والمتضرّرة بسبب الإغلاق الذي فرضته الأوضاع الوبائية" كما نقرأ في البيان الذي أشار إلى أنَّ "المؤسَّسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهُرات الثقافية والفنية خصَّص ميزانية استثنائية للتظاهُرة، رغم أنّها لم تكُن مُدرَجةً في الميزانية العامّة للتظاهرات والمهرجانات المبرمَجة لسنة 2021.
في البداية، أُعلن عن تنظيم التظاهُرة بين الخامس عشر والثاني والعشرين مِن الشهر الجاري. غير أنَّ فرض الحكومة التونسية، يوم الجمعة الماضي، حجراً صحياً شاملاً في البلاد يستمرُّ حتى السادس عشر مِن الشهر نفسه، دفع المنظِّمين إلى إعلان تأجيلِها إلى الفترة بين الثاني والثامن والعشرين منه.
وخلال هذه الفترة، يُنتظَر أن يُبثَّ، عبر صفحة "أيام قرطاج المسرحية" على "فيسبوك" قرابة أربعين عملاً مسرحياً مِن إنتاجات المسارح المحترفة والهاوية في سنتَي 2019 و2020، تتوزَّع بين العروض الموجَّهة للكبار وتلك المخصَّصة للأطفال (11 عرضاً موجّهاً للأطفال والناشئة، و26 مسرحية للكبار، إضافة إلى خمس مسرحيات هاوية). أمّا القاسم المشترك بينها فهي أنّها لم تُعرض أو لم تُروَّج بشكلٍ كافٍ بسبب الوضع الوبائي.
وعلى خلاف "أيام قرطاج" لا منافسة في التظاهُرة الجديدة، وهو أمرٌ يُبرِّره منظّموها بالقول إنَّ الهدف منها ليس التنافُس على الجوائز، بل خلق مساحةٍ لعرض الأعمال المسرحية أمام الجمهور.