غسان عبد الخالق: قراءات في ثنائية "المتن والهامش"

27 نوفمبر 2017
من أعمال سلوى روضة شقير
+ الخط -

شكّلت هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، منعطفاً في الدراسات الفلسفية والفكرية، واستدعت كتابات لا حصر لها في الشرق وفي الغرب، ووضع العديد من الباحثين والكتّاب، من أمثال نعوم تشومسكي وجون إسبوزيتو وتزفيتان تودورف، مؤلّفاتهم في تفكيك قضايا عدّة كظاهرة الإسلاموفوبيا والإرهاب وصلته بالممارسات الاستعمارية وتثبيتها الدكتاتوريات الحليفة لها في العالم الثالث. 

"ثلاثاء الرماد؛ مقالات حول الغرب والشرق في عام الحقيقة" (2003) عنوان كتاب الناقد والباحث الأردني غسان إسماعيل عبد الخالق، والذي تضمّن مجموعة مقالات جاءت في هذا السياق، وهو اليوم يعود بكتاب جديد لا تبتعد مقاربته كثيراً عن سابقه، ويحمل عنوان "المتن والهامش: مقاربات مختارة في الفكر والسياسة"، الصادر حديثاً عن "دار فضاءات" في عمّان، الذي جمع فيه بعض مقالاته المنشورة في الصحافة منذ عام 1986 التي تناولت مسائل راهنة باشتباكاتها الفلسفية.

تنقسم هذه المقالات إلى قسمين رئيسين؛ أدرج الأوّل منهما تحت عنوان "أحوال الفكر والسياسة في العالم المتقدّم"، حيث تسلّط الأضواء على بعض المفاصل البارزة في المشهد الفكري والسياسي في أوروبا وأميركا والصين واليابان بوجه خاص، والثاني منهما تحت عنوان "أحوال الفكر والسياسة في الوطن العربي".

يشير صاحب كتاب "الدولة والمذهب" (2017) في تقديمه إلى أن عنوان الكتاب يعكس "مدى تغلغله في ثنايا هذه المقالات، بصور متعدّدة؛ فتارة يرد بصيغة المركز والأطراف، وتارة يرد بصيغة الرسمي وغير الرسمي، وتارة يرد بصيغة السياق والتفاصيل، وتارة يرد بصيغة الأصل والفرع".

ويوضح أن ثنائية "المتن والهامش" شغلته ولا تزال لأسباب فكرية وسياسية، إلى الحد الذي يمكنه الزعم معه بأن "التاريخ البشري برمّته، ليس إلا مجموعة من الصراعات والتجاذبات التي تهدف إلى التشبّث ما أمكن بالمجال الحيوي للمتن، والابتعاد ما أمكن عن المجال الحيوي للهامش".

يضمّ الكتاب 143 مقالة تناقش محاور مختلفة، منها "ليوتارد وسرديات الحادي عشر من سبتمبر"، و"هيجل أو الفيلسوف الموظّف"، و"بورديو والدولة المضطهدة"، و"دريدا يفكّك إسرائيل في الوقت الضائع"، و"ماركس يحجل في بريطانيا!"، و"المنشقون عن هارفارد"، و"الجابري وكتلته غير التاريخية"، و"السطو على فكر فهمي جدعان"، و"هل الثقافة العربية بنت المحنة؟"، و"مشروع الدولة العربية الحديثة بين النهضة والاستبداد".

في مقاله "الثقافة العربية وسطوة الهامش على المتن" يخلص عبد الخالق إلى أن "اضطلاع الهامش بدور البطولة في الثقافة العربية المعاصرة، على حساب المتن والأصل والمصدر، يفي بأحد أهم ملامح "ما بعد الحداثة" والتي ما زال بعض المثقفين العرب يجهدون أنفسهم في استظهارها ومذاكرتها جيداً. ذلك أنّ الاتجاه إلى الانزلاق على السطح والاعتناء بالشكلاني والعابر بدلاً من العميق والجوهري والمضموني يعدّ أهم ملامحها".

يذكر أن عبد الخالق أصدر العديد من الكتب والدراسات؛ من بينها: "مفهوم الأدب في الخطاب الخلدوني"، و"بين الموروث والنهضة والحداثة"، و"الثقافة والحياة العربية"، و"تأويل الكلام"، و"الصوت والصدى: مراجعات تطبيقية في أدب الاستشراق".

المساهمون