عودة ترامب.. أميركا حمراء مجدّداً

06 نوفمبر 2024
+ الخط -

يعود دونالد ترامب ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأميركية بفوز غير متوقع، بحسب معظم استطلاعات الرأي. بما يجعلنا نقول إنّ ترامب وحزبه (الجمهوري) كانا ذكيين بما فيه الكفاية لالتقاط الإشارة من انتخابات بريطانيا وفوز حزب العمال التاريخي، وكيف يمكن للقضايا الخارجية، خصوصاً في أوكرانيا وغزّة، أن تؤثر في الرأي العام، وخاصّة بين المهاجرين.

في حالة أميركا، أصبح جليًا سخط المهاجرين تجاه الديمقراطيين وطريقة إدارة حربي أوكرانيا وغزّة. ففي حالة أوكرانيا فشل الديمقراطيون في وضع نهاية واضحة للحرب واستمروا في حربٍ مفتوحة مع روسيا. وحتى منافسة ترامب، المرشحة الديمقراطية، كاميلا هاريس، لم تُظهر أيّ تغيير في السياسة الحالية التي يبدو أنّها غير مرضية للكثير من الأميركيين. وفيما يتعلّق بغزة، أصبح الناخبون العرب شبه متأكدين من عجز الديمقراطيين عن إيجاد حل، والاكتفاء بالقلق دون أيّة خطوات ملموسة.

كان موقف ترامب من الحرب الأوكرانية واضحًا، حيث دعا إلى إيقاف الحرب عبر وقف الدعم والجلوس على طاولة المفاوضات لإيجاد تسوية ترضي جميع الأطراف. أمّا بالنسبة لغزّة، فقد كان موقفه غامضًا، إذ دعا تارةً إلى استمرار الهجوم الإسرائيلي ضدّ الفلسطينيين، وتارةً أخرى عبّر عن أسفه للأبرياء الذين يفقدون حياتهم في هذه الحرب، وأحيانًا تحدّث عن إنهاء القتال. هذا التذبذب في المواقف يعكس حاجته للأصوات العربية في الولايات المتأرجحة من ناحية، ولعدم إغضاب داعمي حملته الانتخابية من اليهود من ناحية أخرى.

بالطبع، إنّ فوز الجمهوريين بأغلبية في مجلس الشيوخ سيسهل مهمة ترامب في تمرير التشريعات. ولكن ما يثير القلق أنّ الجمهوريين يميلون إلى دعم اليمين في إسرائيل، ما يعني انحيازًا واضحًا لصالح إسرائيل في قضايا الشرق الأوسط.

ما يثير القلق أنّ الجمهوريين يميلون إلى دعم اليمين في إسرائيل، ما يعني انحيازًا واضحًا لصالح إسرائيل في قضايا الشرق الأوسط

فوز ترامب يحمل أيضًا أخبارًا سارة للطغاة العرب الذين سيستغلون السنوات الأربع القادمة لزيادة القمع والبطش بحقِّ شعوبهم دون خوف من انتقاد الإدارة الأميركية.

لا يزال لدى الديمقراطيين مدّة شهرين قبل تسلّم ترامب الحكم للعمل على تصحيح الوضع في غزّة وإنهاء الحرب، على الأقل لكسب أصوات العرب في الانتخابات القادمة وإظهار أنّهم كانوا عازمين على التغيير. أمّا بالنسبة لغّزة، فالسؤال يبقى: هل سيعود نتنياهو إلى خطط التهجير التي كان قد وضعها في بداية الاجتياح، والتي تهدف إلى تهجير أهل غزّة إلى مصر؟

أمّا على صعيد الاقتصاد، فقد ظلّت معدلات البطالة عند 4.1%، وهو مستوى منخفض نسبيًا. ومن المتوقع أن يقوم البنك المركزي الأميركي يوم الخميس بتخفيض الفائدة بمقدار ربع نقطة، ممّا سيسهم في تحفيز الاقتصاد، وهو ما سيستغله ترامب لصالحه. كما يُتوقع انخفاض أسعار النفط، ممّا يساهم في كبح التضخم وإعادته إلى مستويات متوازنة.

استعان ترامب بإيلون ماسك ووعده بتولي لجنة حكومية لإعادة هيكلة الوظائف الفيدرالية وتقليص التكاليف الحكومية. وماسك، الذي قام بتسريح 80% من موظفي منصة إكس، ويُدير المنصة حاليًا بنحو 20% من فريق العمل، يُعتبر الشخص المناسب لهذا المنصب.

من المؤكد أنّ أي مقاربة لترامب في القضايا الخارجية ستكون محسوبة بدقة، فهو لا يريد إهدار هذا النجاح بل سيسعى إلى تمهيد الطريق لنجاح الجمهوريين بعد أربع سنوات.

باحث وصيدلاني مقيم في أوتاوا في كندا.
خليل ساكير
باحث وصيدلاني مقيم في أوتاوا في كندا.