الصين... هل يمكن أن تكون بديلاً عن أميركا؟

17 أكتوبر 2024
+ الخط -

تُعتبر الصين اليوم من القوى العالمية الصاعدة، ويتساءل الكثيرون عمّا إذا كانت قادرة على أن تكون بديلاً للولايات المتحدة الأميركية، أو على الأقل منافسًا رئيسيًا لها على الساحة الدولية. وهذا العالم الذي لا يزال أحادي القطب تحت هيمنة أميركا قد يتجه نحو عالمٍ ثنائي أو متعدّد الأقطاب، مع وجود الصين في الصدارة إلى جانب قوى أخرى.

وفقًا لكتاب "لماذا تفشل الأمم" للكاتبين دارون عجم أوغلو وسايمون جونسون، الحائزين على جائزة نوبل للاقتصاد هذا العام، يمكن تقسيم الدول بناءً على مؤسّساتها الاقتصادية والسياسية والعلاقة بينها إلى أربع مجموعات: 

أولًا، بلدان ذات مؤسّسات اقتصادية وسياسية منفتحة، مثل أميركا وكندا ومعظم دول أوروبا. في هذه الدول، توجد حالة من التوازن بين المؤسّسات الاقتصادية والسياسية، فلا تطغى إحداها على الأخرى ما يتيح لهذه الدول ازدهارًا مُستدامًا.

ثانيًا، بلدان ذات مؤسّسات اقتصادية منفتحة بموازاة مؤسّسات سياسية منغلقة أو إقصائية، مثل الصين. هذه الدول أمام خيارين، إمّا التحوّل إلى النموذج الأوّل أو التدهور إلى النموذج الرابع. 

ثالثًا، بلدان ذات مؤسّسات سياسية منفتحة لكن مع مؤسّسات اقتصادية منغلقة أو إقصائية، مثل جنوب أفريقيا، المكسيك، والبرازيل. هذه الدول أيضًا عليها الاختيار بين التحوّل إلى النموذج الأوّل أو النموذج الرابع.

على الصين إن أرادت أن تصبح منافسًا جادًا للولايات المتحدة، أن تجري تغييرات عميقة في هياكلها السياسية

رابعًا، النموذج الرابع للأمم وهو "النموذج الفاشل"، ويتسم بوجود مؤسّسات سياسية واقتصادية إقصائية، ومعظم الدول العربية والأفريقية تندرج ضمن هذه المجموعة. ويمكن تشبيه هذه الدول التي تسير في دائرةٍ مغلقة بلا أمل في التقدّم، مثل الهامستر الذي يدور في عجلةٍ إلى ما لانهاية.

ويبقى السؤال الحقيقي هنا هو: هل تستطيع الصين القيام بإصلاحاتٍ سياسيّةٍ تضمن لها هذا التحوّل؟

وعليه، كي تصبح الصين منافسًا جادًا للولايات المتحدة، يجب أن تجري تغييرات عميقة في هياكلها السياسية. ومن بين هذه الإصلاحات المطلوبة تحسين التعامل مع الأقليات مثل مسلمي الإيغور، حيث إنّ تحسين وضع حقوق الإنسان قد يعزّز صورة الصين على الصعيد الدولي. كذلك، ينبغي على الصين تخفيف القيود الصارمة المفروضة على الحريات العامة مثل حرية الصحافة وحرية التعبير، ما سيمنح الشعب مزيدًا من الثقة بنظام الحكم.

أيضًا، يمكن للصين أن تعزّز مكانتها العالمية من خلال منح المزيد من السلطات لمؤسّسات المجتمع المدني، مثل النقابات والجمعيات غير الحكومية. فهذه المؤسّسات تُعتبر ضرورية لتعزيز المشاركة الشعبية في القراراتِ السياسية. كما أنّ معالجة القضايا الحسّاسة، مثل قضية التبت والنزاع مع تايوان، تتطلّب إرادة سياسية شجاعة لحلّ النزاعات بطرق سلمية تعزّز من استقرار البلاد.

إذا نجحت الصين في تنفيذ هذه الإصلاحات، فقد تكون قادرة على تقديم نموذجٍ بديلٍ عن أميركا، ليس فقط على المستوى الاقتصادي بل أيضًا السياسي. وستصبح بذلك ملاذًا آمنًا للكثيرين، بما في ذلك من الغرب والدول التي ترى في الصين قوّة قادرة على تقديم بديل للنظام العالمي الحالي. لكن يبقى السؤال الأهم: هل الصين مستعدّة لاتخاذ هذه الخطوات؟

باحث وصيدلاني مقيم في أوتاوا في كندا.
خليل ساكير
باحث وصيدلاني مقيم في أوتاوا في كندا.