عن أهمية المشاعر في حياتنا
ما الفرق بين المشاعر ولإحساس؟
قليلون هم أولئك الذين يدركون الفرق بين هذين المفهومين، الإحساس عادة ما يكون مرتبطاً بالحواس الخمس، غير أن الشعور هو أعقد من هذا الأمر، الشعور قد يكون له علاقة ببعض الذكريات سواء كانت جميلة أم سيئة، سواء كان لها علاقة بموقف حزين أم مفرح، غير أنه لا يمكن أن توجد المشاعر بدون أحاسيس، أو على الأقل بحسب وجهة نظر أحد المدارس الفلسفية الكبرى، حيث إنه في بعض الأحيان يمكن أن نشعر بأمور غير موجودة أساساً، لأنها قد تكون موجودة فقط في أذهاننا، لكن ما دور كل من المشاعر والأحاسيس في حياتنا.
ربما كل واحد منا سبق أن مر بتجربة فقد حاسة من حواسه، وأتحدث هنا حاستي الطعام والشم مثلاً، ماذا لو فقدنا مثلاً إحدى هاتين الحاستين، كيف ستكون حياتنا، هل سنستطيع تناول الطعام مثلاً، كيف سيمكننا التفرقة بين مختلف الأطعمة، ومن ثم كيف سنختار إحداها على الأخرى، كيف سنعرف المضر منها من الصالح. قبل تطور العلوم كان الإنسان يهتدي إلى طعام صالح أو فاسد فقط من رائحته أو لونه، ونادراً ما كان يذهب ضحية تجربة طعام جديد أشخاص، ربما قد يسأل سائل ما علاقة هذه الأمور بقضية المشاعر؟
في كثير من الأحيان نقع في مشكلات كثيرة ولا ندري الحل، وربما الأسوأ هو أننا لا ندري أننا في مشكلة وأننا في حاجة إلى مساعدة
إذا ما حاولنا معرفة وجهة نظر علوم الأعصاب في هذا الأمر فسيذهب هذا الإشكال، كما يعرف بعض المهتمين ومن لا يعرف هذه فرصة للتعرف على ذلك، أن الدماغ ينقسم إلى أجزاء كل جزء منه مسؤول عن أمر ما، فهناك المسؤول عن فهم الكلام، وهناك المسؤول عن إنتاجه.. إلخ، كما أن هناك مناطق في الدماغ مسؤولة عن الرؤية.. إلخ، لكن المنطقة التي تهمنا هنا هي منطقة الحصين، وهي المسؤولة عن المشاعر، حيث إن دور هذه المنطقة يكمن في كونها تربط بين المعلومات الواردة عبر الحواس وبعض أجزاء الدماغ الأخرى، منها الذاكرة والتي بدورها تختلف، فهناك ذاكرة بصرية، وأخرى مكانية، وأخرى مختصة في الروائح، إلى غير ذلك، كما أن هذه المنطقة لها ارتباط بمنطقة أخرى مهمة في الدماغ وهي اللوزة الدماغية، وهذه الأخيرة هي المسؤولة عن مشاعر الخوف.
ربما يراوده شعور بأن هذه المعلومات تخص العلماء وتطور البحث العلمي ولا علاقة لها بالحياة اليومية للإنسان، غير أن هذا الشعور غير سليم، ربما يكون ناتجاً بدوره عن خلل في أحد مناطق الدماغ والتي نتحدث عنها في هذا المقال، هذه المعلومات ربما تهم الناس في حياتهم اليومية أكثر مما تهم العلماء، حيث إننا في كثير من الأحيان نقع في مشكلات كثيرة ولا ندري الحل، وربما الأسوأ هو أننا لا ندري أننا في مشكلة وأننا في حاجة إلى مساعدة، وإذا ما وصلنا إلى هذه المرحلة فلا ندري إلى من نتوجه لطلب المساعدة، وكل هذه الأمور ناتجة عن نقص في المعلومات، أو أن ثقافتنا ضعيفة خاصة في ما يخص تطور العلوم في هذا الشأن وأقصد البحوث التي لها علاقة بالدماغ.
يمكن أن نواجه مشكلات من قبيل صعوبة تذكر مكان ما، أو شخص ما، أو رقم أو غير ذلك، كما أننا يمكن أن تواجهنا صعوبة في التواصل مع الآخرين، واكتساب علاقات جديدة، وفي كل مرة نحاول فيها ذلك نبوء بالفشل، فيخيب ظننا ونلوذ بالصمت، ونستمر في معاناة داخلية، وذلك من غير أن يعرف السبب هؤلاء الذين نخاطبهم ولا أولئك المحيطون بنا، غير أن المشكلة قد تكون بسيطة، وهي ربما خلل كيميائي في منطقة من مناطق الدماغ، والذي قد يكون ناتجاً إما عن طعام، وإما عن شعور لا وجود لسببه، أو غير ذلك من الأسباب الكثيرة التي قد تسبب لنا مشكلات من هذا القبيل.
تخيل فقط أنه يمكنك أن تُدمَّر كلياً، تفقد رفاقك أو زوجتك ولم لا ربما حتى أبناءك، وذلك نتيجة جهلك بمشكلة كهذه، خاصة أن مثل هذه المشكلات نرى نتائجها ولا يمكننا رؤيتها، فمثلاً خلل في الدماغ يسبب لنا مشكلات في المشاعر، يصعب علينا معه التواصل، هذه المشكلة تقودنا إلى الفشل في الحياة، وهذا الفشل يضاعف المشكلة، ومن ثم نستمر في هذه الدوامة.