"طوفان الأقصى".. في خدمة الاقتصاد العربي
مع الحرب الدائرة الآن على أرض غزة الأبية، شهد عدد من البلدان العربية حملات لمقاطعة المنتجات الأجنبية، وخاصة تلك التي تقوم علاماتها التجارية على دعم إسرائيل في عدوانها الغاشم على قطاع غزة، وسكانه العزّل.
ومن المؤكد في هذا السياق، أنّ بعض هذه المنتجات قد تكون أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها بشكل تام، مثل بعض المواد الغذائية. والحل هنا، أمام من قرّروا خوضَ هذه المقاطعة نصرة لإخوانهم في غزة، اللجوء إلى المنتج المحلي.
ومع طول مدّة حصار العدو الإسرائيلي لقطاع غزة وارتكابه أبشع المجازر في حق المدنيين العُزّل، تستمر حدّة حملة المقاطعة ويزيد بذلك الطلب على المنتجات والخدمات المحلية، وهو أمر بإمكانه خدمة الشركات الوطنية وزيادة حصصها في الأسواق المحلية، ليس فقط أثناء حملة المقاطعة، بل حتى بعد انتهائها، ويتجلّى ذلك في أمرين أساسيين، هما:
أولا، كسر رهبة وتخوّف المستهلك العربي من العلامات التجارية المحلية، حيث قسم كبير من أبناء الدول العربية والنامية تسيطر عليهم فكرة أنّ المنتوج الأجنبي هو أكثر جودة من المنتوج المحلي، حتى وإن كان الأوّل أغلى بالثمن. بل، وأكثر من ذلك، إنّ المستهلك العربي يفضّل المنتوج المستورد على المصنوع محلياً، حتى وإن كان الاثنان ينتميان لنفس الشركة.
لن تكون نتائج حملات المقاطعة سلبية على إسرائيل فقط، بل على كلّ القوى الرأسمالية أيضا
ومع اضطرار المرء لاقتناء المنتوج المحلّي بسبب المقاطعة، فقد يجد المستهلك العربي أنّ جودة بعض المنتوجات الوطنية لا تقلّ عن المنتوجات العالمية، خصوصاً أنّها أيضاً أقلّ تكلفة، وهو ما حصل بالفعل في مصر مع منتوج المشروبات الغازية "سبيرو سباتس"، الذي لقي استحسانا كبيراً من لدن المصريين، وذلك من خلال تعليقاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أنّ هذا المنتوج متواجد في السوق المصري منذ مدة طويلة، وبنفس الجودة، لكن وجود منتوجات عالمية مثل كوكاكولا وبيبسي وغيرهما، كان يغطي على منتجات الشركة المصرية.
أمّا الأمر الثاني، فما سوف تجنيه الشركات الوطنية من أرباح خلال فترة المقاطعة، سيزيد من رأس مالها، ما يساعدها على زيادة خطوط إنتاجها وتحسين جودة منتوجاتها، ناهيك عن إضافة منتوجات جديدة، والاستثمار أكثر في الحملات الدعائية، عدا عن توفير فرص شغل جديدة... كلّ هذه الأمور، قد ترفع من أسهم الشركات الوطنية في السوق المحلية، بما يكسبها ثقة المستهلك، وحتى المستثمر الوطني أكثر فأكثر.
وإذا ما تحقّق هذا الأمر، فإنّ عملية طوفان الأقصى ستكون بذلك قد حقّقت انتصاراً غير مباشر، ليس على إسرائيل فقط، بل على كلّ القوى الرأسمالية. كما أنّ هذا الانتصار لن يكون محدوداً في فلسطين وحدها، بل في سائر الوطن العربي، وقد ينتقل لسائر الدول النامية بما يساهم في تحرير اقتصادياتها الوطنية، وبما يزيد من قيمة ناتجها المحلي في نهاية المطاف، وبما يشكل خدمة لها ولمواطنيها.