سورية.. صراع الأمل والألم في العام الرابع عشر
تدخل الثورة السورية عامها الرابع عشر، وكأن عقارب الزمن قد تجمدت منذ نحو ستة أعوام، أي منذ سقوط محافظة درعا بيد قوات الأسد صيف عام 2018، فلا تحول يُذكر على خريطة النفوذ. ويبقى العامل المشترك هو تفاقم الألم وتدهور مؤشرات الفقر التي بلغت حد الجوع، خصوصًا في الأراضي التي يحكمها نظام الأسد وحلفاؤه الإيرانيون، حيث شهدت الحالة تراجعًا حادًّا عقب إقرار قانون قيصر منذ أربعة أعوام وانهيار الليرة السورية.
والوضع ليس أفضل حالًا في الأقاليم الثلاثة، حيث يقطن أكثر من مليون نسمة في شمال غرب سورية داخل مخيمات مؤقتة تُدمي القلوب لمجرد النظر إليها ورؤية حال أهلها، بينما لا يختلف الحال كثيرًا في منطقة شرق الفرات، رغم كونها خزان الثروات النفطية والزراعية، إلا أن أحوال سكانها ليس بأفضل كثيرًا مما عليه حال جيرانهم على الضفة الغربية للنهر.
البحث عن الحلول.. السياسة والمصير المعلق
وفي مراسم باتت أشبه بالتقليدية بكل ذكرى للثورة، يلتئم مجلس الأمس للاستماع إلى تقرير المبعوث الأممي إلى سورية وتوصياته، الذي لا يُحدث تغييرًا في الواقع المظلم، وإنما يُعد مجرد بروتوكول سنوي. فقد قدم المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون تقريره، داعيًا الأطراف المتداخلة وأصحاب الجيوش والمصالح على الأرض السورية إلى التوصل إلى حل سياسي يُنهي معاناة الشعب السوري.
لا يختلف اثنان اليوم على أن الحل في سورية يجب أن يكون سياسيًّا وتوافقيًّا بعد أن فقد الجميع الأمل في الحرب، ولم يعد أحد يطيق مأساة حرب جديدة ونزوح ومجازر في سورية؛ وفي المقابل يدرك الجميع استحالة هذا الحل مع استمرار بشار الأسد في السلطة بدمشق، ويعي المتابعون للشأن السوري أن معظم سكان المخيمات في شمال غرب سورية هم من أبناء القرى والبلدات القريبة، والتي ما زالت بيوتهم وأراضيهم قائمة هناك، إلا أنهم آثروا الخيمة المهترئة على العودة إلى منازلهم تحت سيطرة الأسد.
لا يختلف اثنان اليوم على أن الحل في سورية يجب أن يكون سياسيًّا وتوافقيًّا بعد أن فقد الجميع الأمل في الحرب، ولم يعد أحد يطيق مأساة حرب جديدة ونزوح ومجازر في سورية
تطبيق القرارات الدولية بوابة الحل
سورية اليوم هي أكثر تفتتًا من أي وقت مضى، في ظل التوتر السياسي وتمسك كل ذي نفوذ بموقعه، ففي شمال غرب سورية، حيث الفصائل المتنافرة المتشرذمة التي لا تجمعها قيادة موحدة، يرفض أصغر قائد فصيل التخلي عن منصبه وامتيازاته لمصلحة تشكيل عسكري أكبر، حتى إن كان ذلك سينهي معاناة الشعب السوري؛ وكذلك في شرق الفرات، يعرفون أن الانفصال عن حزب العمال الكردستاني وطرد قيادات قنديل سيُحدث تغييرًا في الأوضاع الراكدة وسيخفف من معاناتهم مع الجار التركي، وقد يؤدي ذلك إلى اتحاد مع شمال غرب سورية، الأمر الذي قد ينتج عنه اعتراف دولي بتمثيل الشعب السوري وإلزام المجتمع الدولي بتطبيق القرارات الأممية، وعلى رأسها القرار 2254، إلا أن كل جهة بما لديهم فرحون.
المأساة السورية، وإن بدت معقدة ومتشابكة، إلا أنها لا بد أن تبدأ بإزاحة نظام الأسد المتشنج عن قمة السلطة، الذي لا يقبل بالمشاركة، فبعد مرور ثلاثة عشر عامًا على الثورة، ما زال خطابه كما في أول يوم (إرهابيون - مندسون - مؤامرة كونية…)، وبإزاحته عن المشهد، فإن جميع القوى الفاعلة في الشمال الغربي والشرقي ستسقط تلقائيًّا.