رمضان.. موعد مع اللقاءات والفرص الجميلة
يكتسب شهر رمضان طابعاً احتفالياً وليس دينياً فقط، وتمتزج تفاصيله اليومية بانشغالات متنوعة وتتعدى إطار العائلة الضيق. وتقضي النساء خاصة جلّ أوقاتهن في التحضيرات المسبقة للشهر العامر في تقاليد اجتماعية واستهلاكية لا يمكن تجاوزها رغم التغير الكبير والشامل في العادات الاستهلاكية، بل وفي طقوس رمضان بسبب تحدي التراجع الاقتصادي الذي أصاب البلاد لدرجة أن أحد الخبراء الاقتصاديين قد صرح، بأن القوة الشرائية قد تراجعت إلى حد هو الأدنى منذ خمسين عاما سابقة.
تسعى السيدات الوحيدات وخاصة الشقيقات أو القريبات بل وحتى الصديقات إلى البقاء معا في هذا الشهر، خاصة أن النساء المصرّات على ممارسة الصيام غير عابئات بمشاكلهن الصحية ومخاطر الصيام على أوضاعهن الصحية بما في ذلك عدم الالتزام بنصائح وتعليمات الأطباء والبقاء معاً يخفف الأعباء التي يفرضها تحضير وجبات الطعام المتنوعة، ويبدد الوحدة المضنية ونتائجها القاسية والكاوية للقلوب.
دعت رانيا أهلها إلى الإفطار في منزلها في أول أيام رمضان، لكنها وقبل مغادرتهم، أصرت على سكب حصص من كل وجبة قدمتها في إفطار اليوم، وهكذا وفرت لأهلها المتقدمين في العمر وجبتي إفطار وربما أكثر، وبذلك تريح والديها من أعباء الطهو والتنظيف والتسوق. وهذا تقليد طارئ درج عليه السوريون منذ اشتداد الأزمة الاقتصادية فبعد كل عزيمة أو دعوة إلى إفطار أو غداء أو حتى جلسة مسائية تقتصر على الحلويات والفاكهة، درج السوريون على تقاسم ما تبقى وتوزيعه بصورة تتناسب مع عدد أفراد كل أسرة من الأسر المدعوة لهذا الاجتماع العائلي.
تقوم بعض النساء وخاصة العاملات بتحضير مسبق لبعض الوجبات أو بعض مكوناتها التي يحتاج تحضيرها وقتاً طويلاً
كما أن السوريين أدخلوا إلى بيوتهم تقليداً جديداً يتم اتباعه في الدعوات العائلية خاصة وفي وجبات إفطار رمضان أيضا، وهي تحديد اجتماع الجميع في أحد بيوت العائلة وغالباً ما يكون بيت الأهل، ويتم التوافق على تقاسم الوجبات في ما بينهم لتخفيف الضغط على عائلة واحدة وهذا الضغط مادي أولاً وأيضاً هو ضغط ناجم عن تكفل طرف واحد أو عائلة واحدة بتخديم المدعوين، وهنا قد يعفى الوالدان من تحضير أي وجبة احتراما لعجزهما عن العمل وتخديم عدد كبير أولاً وتوفيراً لمقدراتهما الاقتصادية بشكل أساسي.
تقوم بعض النساء وخاصة العاملات بتحضير مسبق لبعض الوجبات أو بعض مكوناتها التي يحتاج تحضيرها وقتاً طويلاً. كما أن السيدات بتن يؤجلن الواجبات الاجتماعية وخاصة العائلية لشهر رمضان مما يشكل فرصة لجمع أكثر من واجب عائلي في دعوة واحدة.
ولا يقتصر التحضير المسبق على سيدات البيوت فقط بل على بائعات الخضر والسيدات العاملات في تحضير وجبات ثقيلة مثل الكبب والمحاشي لسيدات غير قادرات أو غير راغبات بتحضيرها لأسباب عديدة، هدى سيدة استأجرت دكانا صغيرا في حي شعبي، وجهزته بمعدات بسيطة حسبما تسمح لها ميزانيتها المتواضعة، انشغلت طوال شهر شباط أي قبل حلول شهر رمضان بإعداد المربيات مثل مربى القرع ومربى الليمون والنارنج والكباد وهي فواكه موسمية يتزامن نضجها مع قدوم شهر رمضان، وعصير الليمون المحلى.
وكذلك قامت بتحضير الجبنة البيضاء وغليها وتبريدها وحفظها إما في أكياس صحية للثلاجات أو في عبوات كبيرة محفوظة بالماء والملح، تقول هدى إن ما يحميها من إعداد وجبات قد لا تلقى رواجاً أو إقبالاً، أنها تعتمد على مبدأ التواصي من قبل سيدات لمواد محددة وتلتزم تلك السيدات بشراء المنتجات لأنه قد تم تجهيزها بناء على طلبهن بصورة خاصة، تعتبر هدى أن هذه الأعمال أعمال توفر أوقاتاً طويلة على ربات البيوت وتدر دخلاً معقولاً وكافياً لهدى، كما أنها تعتبر شهر رمضان شهراً إنتاجياً ومدراً لدخل أكبر من الشهور الأخرى.
رمضان شهر اللقاءات والفرص الجميلة.