خرير

24 أكتوبر 2022
+ الخط -

لعل صوت الماء هو أهم أسباب تجديد اشتراكي لتطبيق "سبوتفاي"؛ فصوت الماء يعني بيتنا القديم؛ ظلت أمي تزينه بالنباتات، حتى اكتشفت في النهاية أن ما ينقصه فعلا هو "صوت الماء"؛ فأضافت لمدخله شلالا من الماء.

كان هو الصوت الأقرب إلى غرفة نومي حينها، حتى أدمنته وأدمنت صوت العصافير حوله صباحا. وعندما كانوا يطفئونه ليلا (خصوصا في الشتاء)، كنت أعيد تشغيله كلما أصابني الأرق... هكذا أنام.

إنه أعذب من أي موسيقى من الممكن أن أستمع إليها في تلك اللحظة

عندما انتقلت إلى برلين، كنت أظن أن رائحة الياسمينة في الساحة الداخلية هي ما ولدت داخلي شعور الثقة والألفة؛ لكن بعد حين، أدركت أنه صوت الماء. وكنت محظوظة للمرة الثانية؛ فغرفة نومي أقرب إليه أكثر من أي غرفة في شقتي هناك.

إنه أيضا صوت ملء حوض الاستحمام بعد يوم عمل أو أسبوع طويل. هكذا هي تطفئ التلفاز لتكتفي بسماعه. إنه أعذب من أي موسيقى من الممكن أن أستمع إليها في تلك اللحظة. أو لعله يرتبط أكثر برغبتنا أن يسيطر اللون الأخضر على المكان من حولنا. فلا شيء يعلو على صباح يوم إجازة مشمس تمسك فيه فنجان قهوتك بيد وخرطوم الماء باليد الثانية تسقي شجرة هنا و"جورية" هناك.

قلت لنفسي مرة: إن صوت الماء يعود لما هو أبعد من ذكريات منزلنا القديم. وأن الأمر ليس حكرا علي؛ إنه الصوت المرتبط ببيتنا الأول على الإطلاق، الصوت الذي نسمعه جميعا في أرحام أمهاتنا. ولعله آخر صوت نسمعه حين يغطينا التراب. لذلك كلما شعرت بالقلق والتوتر والأرق ظل صوتا قادرا على تهدئتي وترتيب الأشياء في رأسي والمشاعر داخلي.. على صوت الماء.

كادي حكمت/ فيسبوك
كادي حكمت
شابة أردنية من أصول شركسية تعيش الآن في ألمانيا. تحمل شهادة البكالوريوس في الأدب الإنكليزي وشهادة الماجستير في اللغويات. اهتماماتها هي اللغات والسينما والأدب والقضايا الاجتماعية والقضايا الإنسانية. كما أنها مهتمة بشكل كبير بقضايا المرأة.

مدونات أخرى