حوار بين شخصين لا يروق لهما الحوار... لكن بالرغم من ذلك يتحدثان!
- هل يجب علينا أن نتحدث؟
- هذا واجب.
- لماذا ؟
- لأننا أصدقاء.
- لا أحب الكلام بتاتاً.
- إذن ابق صامتاً.
- لا أستطيع فعل ذلك أيضاً.
- ما الذي ستفعله حيال ذلك؟
- حيال ماذا ؟
- حول هذه المعضلة العجيبة المتعلقة بالصمت والكلام ؟
- سأتحدث معك، لأنني أعلم أنك تحب الحديث، فأنت كما تعلم ثرثار كبير.
- الصمت يجعلنا نلاحظ الناس التي تتحدث، والكلام يجعلنا نرمق الناس الصامتة.
- هذا غير صحيح، أنا لا أتحدث إلا معك، ولا ألمح الناس الآخرين الذين يتكلمون، أسير بجانبهم، آكل أمام طاولتهم في المطاعم، وأجلس قبالتهم في القطار ولكن لا ألاحظ تصرفاتهم أبداً، يبدون مسالمين، مبتعدين عن الصراع والمآسي ولكن عندما أنظر إليهم عن كثب، أرى أشياء أخرى.
- مثل ماذا ؟
- مثل السعادة التي لا تبدو كثيراً هناك.
- هل حقاً يجب علينا ملاحظة الناس في كل ما يفعلونه ؟
- علينا ذلك نسبياً، وإلا لن يلاحظونا هم أيضاً.
- وإذا لم يفعلوا ؟
- لن نحس أننا هنا.
-أين ؟
- هنا.
- أين ؟
- في أي مكان، سنشعر بالفراغ، وليس أي فراغ، ذلك النوع الذي يجعلك تتعطش لجرعة من كلمة بشرية، أو تصرف بشري، أو حتى نظرة بشرية.
- وهل هذا الفراغ يملأه عنصر ما ؟
- قد نملأه نحن، وقد يملأه الآخرون، وقد يبقى على هذه الشاكلة لوقت طويل.
- شيء محزن.
- محزن ومليء بالأمل.
- أي أمل ؟
- الأمل في التغيير.
- حتى التغيير لا يأتي من فراغ، والفراغ يحتاج للتغيير كي يختفي، ونحن نحتاج للاثنين يا صديقي العزيز، وربما نحتاج للصداقة كعنصر إضافي للقضاء على الفراغ.
- هل الكلام مهم في هذه الوصفة ؟
- ربما مهم، وربما لا، لكن كل شخص يجب عليه أن يختار، هل يتكلم أم يختار الصمت.