العلاقات السورية التركية: آفاق جديدة في ظلّ الإدارة الجديدة
في ظلّ التطورات الكبيرة التي شهدتها سورية مع سقوط نظام بشار الأسد، تبدو العلاقات السورية التركية في مرحلة جديدة من التحوّل والتقارب. بعد سنوات من الصراع والتوتر، تبدو بوادر الأمل في إعادة تأسيس علاقات متينة تحت قيادة أحمد الشرع، القائد الجديد لسورية.
هذا الدور الجديد في العلاقات قد يحمل بين طياته فرصًا كبيرة لإعادة بناء سورية وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
الإدارة السورية الجديدة وتوجهاتها: أحمد الشرع، الذي تولى القيادة بعد سقوط نظام الأسد، قدم رؤية جديدة للعلاقات مع تركيا. في مقابلاته الأولى مع وسائل الإعلام، أشار إلى أن سورية تهدف إلى تأسيس علاقات استراتيجية مع أنقرة، تعكس التاريخ المشترك بين البلدين وتنظر إلى المستقبل بروح الشراكة تحت قيادته.
وجرى إرسال رسائل واضحة إلى تركيا عبر زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى دمشق، حيث جرى التأكيد على الحاجة إلى تعاون في عدة مجالات، بما في ذلك الأمن، والاقتصاد، والمساعدة في إعادة الإعمار.
وإن زيارة هاكان فيدان إلى دمشق كانت خطوة رمزية كبيرة نحو إصلاح العلاقات بين البلدين، وخلال هذه اللقاءات، جرت مناقشة التحديات التي تواجه سورية الجديدة، بما في ذلك إدارة العودة الآمنة للاجئين السوريين وتعزيز الأمن في المناطق الحدودية وكذلك صياغة مؤسسات الدولة وإلغاء العقوبات المفروضة على سورية، ما يساهم في إعادة الإعمار.
وإن تركيا التي استضافت أكثر من 3.2 ملايين لاجئ سوري ترى في هذه الزيارة فرصة لحل مشكلة اللاجئين وتحقيق استقرار أمني على حدودها.
بالإضافة إلى ذلك، أكد وزير الخارجية التركي جاهزية بلاده لدعم سورية في مرحلة إعادة الإعمار، ما يعكس تحولًا في الموقف التركي من دعم المعارضة إلى تعزيز الشراكة مع الحكومة الجديدة.
الزيارة المرتقبة للرئيس أردوغان: الزيارة المتوقعة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دمشق تشكل نقطة تحول كبيرة في العلاقات بين البلدين. تُعدّ هذه الزيارة أول زيارة رسمية لرئيس تركي إلى سورية منذ سنوات، وتبعث على الأمل بتعزيز التعاون الثنائي. أردوغان، الذي أعرب مرارًا عن رغبته في تحسين العلاقات، يرى في هذه الزيارة فرصة لمناقشة جوانب مثل السيادة الأرضية، ومكافحة الإرهاب، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين. هذه الزيارة قد تفتح أبوابًا جديدة للتعاون الاقتصادي، خصوصًا في مجالات الإعمار والتجارة.
إلغاء الفيزا التركية للسوريين: مع عودة قسم كبير من اللاجئين إلى سورية، تبدو بوادر الأمل في إلغاء الفيزا التركية للسوريين. هذا الإجراء يمكن أن يسهل عملية العودة والتحرك بين البلدين، ويعزز التبادل التجاري والثقافي. تركيا، التي تستضيف أعدادًا كبيرة من السوريين، ترى في هذه الخطوة حلًا لتخفيف العبء الاقتصادي والاجتماعي عن بلادها، وفي الوقت نفسه، تقدم دعمًا للبنية التحتية السورية المدمرة لتسهيل عودة المزيد من اللاجئين.
في الختام، إن العلاقات السورية التركية بعد سقوط نظام الأسد تدخل في مرحلة جديدة من التواصل والتعاون تحت قيادة أحمد الشرع وبدعم من تركيا. الزيارات الرسمية، سواء كانت لوزير الخارجية أو المتوقعة للرئيس أردوغان، تمثل خطوات مهمة نحو تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة. إلغاء الفيزا التركية للسوريين يمكن أن يكون بمثابة رمز للأمل في الحياة الجديدة والعودة إلى الوطن بأمان. بينما تظل التحديات كبيرة، خصوصًا في مجال إعادة الإعمار والتصالح الوطني، تبدو هذه التطورات بدايةً لصفحة جديدة في تاريخ العلاقات الثنائية، تعتمد على حسن النية والتعاون المشترك.