الخوارزميات والتحيّز: حين يصبح "الإعجاب" مُكلفاً
نشر زميل صيدلي فيديو قصيراً على منصّة لينكد إن في يوم الصيدلاني بتاريخ 25 سبتمبر/ أيلول، عرض فيه صورًا للصيادلة الذين استشهدوا منذ بدء الحرب على غزّة. هَدَفَ الفيديو إلى تسليط الضوء على المعاناة التي يواجهها الصيادلة في غزّة، دون أن يتضمّن أيّ إشارةٍ مباشرة إلى الكيان الصهيوني.
مثل العديد من الزملاء، قمت بالضغط على زرّ الإعجاب دعمًا وتضامنًا مع المنشور. ولمن لا يعرف "لينكد إن" منصّة مخصّصة للبحث عن العمل، وتوفر أدوات تتيح للمستخدم معرفة من زار حسابه وعدد مرّات ظهور حسابه في نتائج البحث المتعلّقة بوظائف أو مجالات تخصّصه بشكلٍ أسبوعي.
شخصيًا، لا أعتبر نفسي مستخدمًا نشطًا على هذه المنصّة نظرًا لالتزامي بعملي، وعادةً ما أتصفح الموقع مرّة أو مرّتين أسبوعيًا. لكن بعد دعمي لهذا الفيديو، لاحظت انخفاضًا في عدد مرات ظهور حسابي بشكلٍ كبير، من معدّل يتراوح من 15 إلى 30 ظهورًا أسبوعيًا، إلى ظهورين فقط. هذه لم تكن المرّة الأولى التي ألاحظ فيها هذا النوع من التغيير، إذ سبق أن واجهت حالات مشابهة عندما قمت أيضا بدعم منشورات ذات صلة بفلسطين.
تُظهر هذه الحادثة كيف يمكن أن يتم التلاعب بالخوارزميات في الغرب، عندما يتعلّق الأمر بقضايا مثل فلسطين. إذ يلعب عدد مرّات ظهور الحساب دورًا محوريًا في تحسين فرص الحصول على مقابلات عمل وفرص وظيفية، ما يجعل الانخفاض الكبير في مرات ظهور الحساب انعكاسًا واضحًا لنوعٍ من التحيّز أو الرقابة غير المباشرة.
في الغرب يتم التلاعب بالخوارزميات عندما يتعلّق الأمر بقضايا مثل فلسطين
هذا التحيّز يتمثل في تقليص فرصة ظهور ملف شخص قام بمجرّد الضغط على زر الإعجاب بنسبة تتراوح بين 750% و1500%، ممّا يُعدّ عقوبة ضمنية تؤدي إلى حرمان الباحث عن العمل من الظهور في خيارات البحث على المنصّة. وبالتالي حرمانه من الحصول على عمل عبر هذه المنصّة.
خوارزميات مماثلة تطبّق على منصّة فيسبوك وغيرها من المنصّات المموّلة والمدعومة من الغرب بهدف إيصال رسالة مشوّهة وناقصة للمواطن الغربي، رسالة متحيّزة لطرف واحد فقط من أطراف النزاع، هي عملية تغييب ممنهجة للحقائق بتعاون مباشر بين هذه المنصّات والأنظمة التي تعمل في كنفها.
لذلك هذه دعوة للدول العربية إلى فرض رقابة صارمة على هذه المنصّات، بحيث لا يُسمح لها بالعمل دون إتاحة الإشراف على خوارزمياتها وتعديلها للحدّ من التحيّز. وإذا رفضت هذه المنصّات الاستجابة، فيجب التفكير في حجبها والاعتماد على منصّات بديلة أكثر إنصافًا لقضايانا. والأمر ليس بالعسير، فبعض المنصّات محجوبة في الصين (فيسبوك، إنستغرام)، وبالمقابل هناك بدائل أكثر أمانا وأقلّ تحيّزا مثل وي تشات، وويبو وغيرها.
الغرب نفسه لجأ إلى حجب منصّات مثل "تيك توك" و"تليغرام" عن الأجهزة الحكومية بذريعة الأمن القومي. وفي حقيقة الأمر، سبب ذلك هو عجزهم عن فرض أجنداتهم من خلال هذه المنصّات، فلماذا لا نتخذ موقفًا مشابهًا لحماية حقوقنا وقضايانا العادلة؟