البنات والتعليم
يحرر التعليم الأفراد من نمطية التفكير، ويمكّنهم من التفاعل الإيجابي مع محيطهم، والمشاركة في الإجابات عن أسئلته الحيوية. إنه شكل من أشكال مقاومة تدجين الإنسان وتطويعه للاستبداد به وبوطنه وبمصيره. كما يساعدنا التعليم في معرفة القوانين التي تتولى حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء إلى التمرد على الاستبداد والظلم. أو الغرق في واقع الظلم والتمييز وانتفاء الإنسانية.
غالباً ما يكون من الصعب على الأفراد الذين لا يتمكنون من القراءة والكتابة أن يجدوا عملا، أو أن يشاركوا في نشاط سياسي أو يمارسوا حقهم في حرية التعبير. وبالمثل يكون حدوث المجاعات أقل احتمالا عندما يكون بوسع الأفراد أن يمارسوا حقوقهم السياسية، مثل الحق في التصويت أو العمل الحزبي والأهم التعبير عن الرأي في مجمل تفاصيل عيشهم.
إن الأطفال الذين يعيشون حياة غير صحية، وفي فقر مدقع ولا يتمكنون من التعلّم، يكونون معرضين للسخرة وغيرها من أشكال الاستغلال، كما توجد علاقة مباشرة بين مستويات الالتحاق بالمدارس الابتدائية بالنسبة للبنات وانخفاض حالات تزويج البنات، وبالتالي يفقدن بفقدان فرص التعلّم حقاً تمكينياً، يمكنهن من امتلاك قرارتهن الشخصية أولا والانخراط في المجتمع بصورة تشاركية وليست إلحاقية حكما بالرجل.
كثيراً ما يتم استبعاد الفتيات من التعليم ويتعرضن لضغوط التزويج المبكر، وفي أحسن الأحوال قد تتعرض الطالبات دون الطلاب إلى ضغوط لاختيار التخصصات التي تلائم الأهل والمجتمع وربما سوق العمل الإقصائي والذي يحرم النساء من المنافسة.
إن التعليم بوصفه حقا تمكينياً، هو الأداة الرئيسية التي تمكّن الأطفال والطفلات وخاصة المهمشات اقتصادياً واجتماعياً من النهوض بأنفسهن من الفقر ويتمكننّ من امتلاك إحدى وسائل المشاركة في مجتمعاتهن.
إن المساواة بين الجنسين في المدارس لا تتعلق فقط بالأرقام والأعداد المتساوية للفتيات والفتيان في الفصول الدراسية بل تتعلق أيضا بتكافؤ الفرص والسبل المتاحة لكليهما على قدم المساواة.
إن المساواة بين الجنسين في المدارس لا تتعلق فقط بالأرقام والأعداد المتساوية للفتيات والفتيان في الفصول الدراسية بل تتعلق أيضا بتكافؤ الفرص والسبل المتاحة لكليهما على قدم المساواة
تنعكس بعض الإجراءات المجتمعية سلباً على فرص البنات في التعلّم، مثل فرض قواعد اللباس في سن مبكرة وخاصة تحجيب الطفلات قسرا، وفصل الصبيان عن البنات في المقاعد الصفيّة وإجبارهم على الوقوف في صفوف منفصلة، ويتذرع غالبية الرافضين لتعليم البنات بأن المدارس بيئة غير آمنة لوجود البنات، كما ينعكس التمييز بين الطلاب والطالبات على الطريقة التي ينظر بها الطلاب والمعلمون/ات إلى الطلاب بعضهم البعض.
وعند تقصير الطالبة في واجباتها المدرسية يتم توجيه الكلمات التالية لها "روحي دبري عريس أفضل لك" أو "روحي ساعدي أمك بشغل البيت" أو "أريحي أهلك من مصروفك ما دمت فاشلة في التعليم"!
في حين يتم توجيه عبارات تحفيزية وغير مذلة قائمة على الصورة النمطية للدور الاجتماعي للطلاب الذكور: "أنت زلمة" أو "لازم تحط عقلك براسك لان أهلك حاطين أملهم فيك".
كما يتنمر الأساتذة والمعلمات على سلوكيات بعض الفتيات اللواتي يخرقن صورة الفتاة الوديعة، الخانعة، دون أي محاولة لفهم وضع هذه الطالبة والأسباب التي تدعوها مثلاً وخاصة في المرحلة الثانوية إلى وضع المكياج أو ارتداء ملابس مثيرة، وهنا تتعرض الفتيات لعقوبات عنيفة مثل وضع رأسها تحت الماء الجاري أو توجيه ألفاظ شائنة ضدها.
ترتبط المساواة في فرص التعليم بالمساواة وترتبط المساواة بشكل رئيسي بخطاب حقوق الإنسان التي توفر الضمانات القانونية والمجتمعية والفردية لانخراط الفتيات في التعلّم خاصة للفتيات في البيئات المهمشة والفقيرة.
لذلك ولضمان حماية حق الفتيات بالتعلم، ينبغي على جميع المعنيين، تطوير وتثبيت آليات فعالة لحماية الفتيات من مختلف أشكال العنف في المدارس وتطوير سياسات تحظر التمييز وتكافح التحرش الجنسي، كما أن المدارس تحتاج بصورة فعلية وعاجلة إلى إجراءات مسؤولة تهدف لأن تكون بيئة آمنة للطلاب وخاصة للفتيات حتى يتسنى لهن ممارسة حقهن في التعلّم.