إسطنبول قصيدة لا تنتهي من الحب والحياة
الحياة في إسطنبول هي قصيدةٌ مكتوبة بأحرف الزمان والمكان، كل زاوية فيها تحكي قصة، وكل زقاق يشدو بأغنية لا يسمعها إلا من عاش نبضَ هذه المدينة التي تتراقص بين أصالة الماضي وحيوية الحاضر.
إسطنبول ليست مجرد مدينة تعبر فيها الشوارع وتتجول في الأسواق؛ إنها روحٌ ترافقك في خطواتك، بدءًا من صوت الأذان الذي يتردد بين مآذنها شامخًا، مرورًا برائحة القهوة التركية التي تعبق في كل مقهىً تقليدي، وانتهاءً بالليل الذي يُنير بمصابيح الجسور التي تجمع بين ضفتي البوسفور كعقدٍ من اللآلئ.
في إسطنبول، تتداخل الأزمنة؛ تمشي على شوارع تقودك إلى قصور السلاطين وحدائق السلاطين الذين حكموا نصف العالم، وفي الوقت نفسه تلامس حياةً عصرية تعجُّ بوهج الحداثة؛ فهنا تجد ناطحات السحاب تعانق المباني التاريخية وكأنها تحيةٌ من الحاضر إلى الماضي.
الليل في إسطنبول، هو حكايةٌ أخرى؛ عندما تغيب الشمس على مياه البوسفور، وتنعكس أنوار المدينة على سطح الماء الهادئ، يشعر المرء وكأنه يقف بين الواقع والخيال
الحياة في إسطنبول هي حياة التفاصيل الصغيرة؛ مثل بائع الكستناء في الشتاء الذي يقف عند ناصية الطريق، وبساطته تضفي دفئًا على أجواء المدينة الباردة، أو ذلك العصفور الذي يحطُّ على حافة نافذة في الصباح ليعزف موسيقى الطبيعة في زحام المدينة.
إسطنبول تُلهمك بالحب، ربما لأنها تجسد عشقًا قديمًا للمكان والجمال، عشقًا بين البوسفور وجدران المدينة التي تحفظ سرًّا لقرون؛ تمشي بجانب شواطئها فتشعر وكأن البوسفور يهمس لك أسرارًا من أزمنة غابرة، إذ كان ولا يزال شاهدًا على آلاف السفن والأحلام التي مرت من هنا.
أما الليل في إسطنبول، فهو حكايةٌ أخرى؛ عندما تغيب الشمس على مياه البوسفور، وتنعكس أنوار المدينة على سطح الماء الهادئ، يشعر المرء وكأنه يقف بين الواقع والخيال، حيث تكتسي المدينة بوشاحٍ من السحر، ويصبح كل شيء ممكنًا.
تخاطبك إسطنبول بلسانٍ عجيب؛ فهي تارةً أمٌّ حنونٌ تهدهدك حين تقف على تلالها، وتارةً أخرى صديقةٌ حكيمة تعلمك الدروس في متاهات أزقتها القديمة، فتخرج منها وقد تعلمت شيئًا جديدًا عن نفسك وعن الحياة.
الحياة في إسطنبول هي رحلةٌ لا تنتهي، وكتابٌ لا تمل من قراءة صفحاته؛ إنها نغمةٌ من الشرق، وألحانٌ من الغرب، وصدى حكايات لا تزال تُروى، يرويها كل حجر، وكل موجة، وكل نسمة تمر على وجهك وأنت تمشي في شوارعها؛ إنها قصةٌ تعيد نفسها كل يوم، ولكنها في كل مرة تُحكى بطريقة جديدة، لتجد نفسك عاشقًا أبديًا لهذه المدينة التي لا تكف عن الإلهام.