وأنا خارجٌ من البيت، سمعت ضرباتٍ على باب الملحق، وعويلاً متضرّعاً كما لو أنّ ذلك الرجل قد طُرد من الشقّة وجعل يتوسّل أن يفتحوا له الباب. أطللت برأسي ناظراً إلى بسطة الدرج المتّصلة بالملحق، فرأيته حافياً، نصف عارٍ وعيناه مغرورقتان.
كانت السيّدة تقاوم جاهدةً شابّاً نحيلاً رثَّ الملابس. صرختُ لأفزعه قبل الانقضاض عليه، ولا بد أنني في تلك اللحظة نفسها تلقيتُ تلك الضربة الرهيبة على رأسي. أيام طوال لم أكن قادراً على تذكُّر شيء ممّا حدث، ولا حتى اسمي.
كان يكتب بقلمِ حبرٍ ضخمٍ على أوراق لها نصف حجم الورق القياسيّ، ويدخّن بلا توقّف. لقد مات في آخر ذاك الشتاء، مات بعد وقت قصير من قرارنا التوقّف عن التلصّص عليه. كان عنوان روايته الأخيرة: "الدَّرب الخفيّ".