تجنّب رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، والقادة العسكريون في البلاد الحديث عما بات يعرف اصطلاحاً "أهل الأعراف"، وهم سكان ثماني مناطق عراقية تم تحريرها من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بعضها منذ أكثر من عامين، وما زالت مهجّرة بسبب رفض مليشيات "الحشد الشعبي" ووضع عشائر عراقية تقيم قرب تلك البلدات والمدن شروطاً أمام عودة أهلها إليها وتهدد بتصفيات تحت يافطة الثأر.
واتهمت جهات سياسية عراقية "الحشد الشعبي" بمنع سكان هذه المناطق من العودة بهدف إجراء تغيير ديمغرافي عليها، واستبدال سكانها الأصليين بآخرين، إلا أن المليشيات تذرّعت بأن تلك المناطق لا تصلح لعودة أهلها بسبب مخلفات "داعش" من ألغام وعبوات ناسفة، وفي بعض الأحيان تحدثت عما سمّته أمراضا معدية فيها، فيما وضعت بعض العشائر شروطاً وفرضت غرامات مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار، يدفعها أهل المدينة لعودة سكانها في صورة توضح ضعف الحكومة في بغداد وانعدام تطبيق القانون.
اقــرأ أيضاً
وبلدة جرف الصخر، شمال بابل، إحدى أقدم المدن المحررة في العراق من سيطرة تنظيم "داعش" عليها، وتمّت استعادتها من قبل المليشيات والحرس الثوري الإيراني ووحدات من الجيش العراقي في ديسمبر/كانون الأول عام 2014. ويوم الأربعاء أمهل مجلس محافظة صلاح الدين شمال العراق، الحكومة في بغداد حتى منتصف فبراير/شباط المقبل لإعادة السكان إلى المناطق المحررة التي يمنع أهلها من دخولها حتى الآن.
وذكر المجلس الذي يُعدّ بمثابة الحكومة المحلية للمحافظة، في بيان صدر عقب اجتماع له في تكريت، أن "المجلس قرر بالإجماع مطالبة رئاسة الوزراء والقيادات الأمنية والحشد الشعبي، بإعادة النازحين إلى مناطقهم المحررة في عموم مدن المحافظة بموعد أقصاه 15 فبراير/شباط 2017. وجاء هذا القرار بعد مناقشات مستفيضة لأعضاء المجلس عن الواقع الإنساني والمعيشي المتردي الذي تعيشه العائلات النازحة في المخيمات".
واتهم نائب الرئيس العراقي، رئيس ائتلاف "متحدون" أسامة النجيفي، من وصفها "مليشيات مسلحة خارجة على القانون تتحدى الدولة وتمنع النازحين من العودة إلى منازلهم، في مناطق جرف الصخر وديالى ويثرب وحزام بغداد ومناطق أخرى". وشدّد في تصريحات سابقة على "ضرورة إلزام الحكومة المليشيات المسلحة بإخلاء هذه المناطق، وعلى رفض أي تغيير ديمغرافي في أي منطقة عراقية"، مشيراً إلى أن "عودة النازحين حق مشروع".
من جهته، طالب عضو البرلمان العراقي أحمد السلماني في بيان له رئيس الوزراء حيدر العبادي، بتوضيح أسباب عدم السماح بعودة السكان إلى بلدة جرف الصخر وبلدات أخرى على الرغم من استعادتها من "داعش"، محمّلاً إياه المسؤولية عن "المأساة الإنسانية" التي يعيشها نحو 120 ألف شخص من جرف الصخر.
وتُعدّ ثماني مناطق عراقية الأبرز على قائمة المنع التي تفرضها المليشيات وبضع عشائر، وتجبر سكانها على البقاء في مخيمات بأوضاع مأساوية، قضى بسببها عدد منهم وفقاً لمنظمات عراقية وأممية تؤكد أن سوء التغذية والبرد الشديد أوديا بحياة عدد منهم.
أولى هذه المناطق هي جرف الصخر، التي تقع شمال محافظة بابل (100 كلم جنوب بغداد)، سقطت بيد "داعش" بعد احتلاله الموصل منتصف عام 2014. وتمكنت مليشيا "الحشد الشعبي"، تساندها وحدات الحرس الثوري الإيراني وقطعات عسكرية عراقية من السيطرة عليها نهاية العام ذاته. ولم يسمح لسكان البلدة بالعودة على الرغم من مرور ثلاث سنوات على استعادتها، بحجة تطهيرها من العبوات الناسفة. وقال سكان نزحوا من جرف الصخر لـ "العربي الجديد"، إن "البلدة تتعرض لتغيير ديمغرافي غير مسبوق". وأشاروا إلى "قيام عناصر مليشيا الحشد الشعبي، باستقدام أسرهم، وتوطينهم في جرف الصخر"، لافتين إلى "تواطؤ دائرة التسجيل العقاري في بابل مع المليشيا، بعد أن سجلت مساحات كبيرة من الأراضي بأسماء أقارب لعناصر في المليشيا".
ثاني هذه المناطق، هي المدائن، الواقعة في الجزء الجنوب الشرقي من العاصمة العراقية بغداد، وتضم مرقد الصحابي سلمان الفارسي. وشهدت هذه المنطقة نهاية عام 2014 عمليات خطف وتهجير طاولت أبناء عشيرة الجبور، الذين كانوا يمثلون غالبية سكانية فيها. وسيطرت عليها جماعات مسلحة إيرانية وعراقية، بحجة حماية المرقد، ولم يسمح لنازحيها بالعودة، كما صدر بحق عدد كبير من رجالها أوامر قبض بناء على تهم كيدية.
ثالث هذه المناطق، هي مدينة سبع البور، الواقعة في الأطراف الشمالية لبغداد. وقد شهدت منتصف عام 2014 معارك عنيفة بين القوات العراقية، وعناصر من تنظيم "داعش"، حاولوا شن هجمات على العاصمة. ما تسبّب بتهجير الآلاف من سكانها الذين ينحدر أغلبهم من محافظة الأنبار المجاورة، ولم يسمح لهم بالعودة لغاية الآن، بسبب سيطرة المليشيات على المنطقة.
اقــرأ أيضاً
رابع هذه المناطق هي يثرب، الواقعة جنوب محافظة صلاح الدين (شمالاً)، وسقطت بيد "داعش" في يونيو/ حزيران 2014، قبل أن تتمكن القوات العراقية ومليشيا "الحشد الشعبي" من استعادتها مطلع عام 2015. تعرّض سكانها بعد ذلك إلى حملة تهجير واسعة، ولا تسمح بعض العشائر التي تساندها المليشيات بعودة نازحي المنطقة، وطالبتهم بدفع مبالغ مالية تصل إلى 6 مليارات دينار عراقي (ما يعادل خمسة ملايين دولار) كتعويض عن قتلى المليشيات خلال المعارك مع "داعش".
خامس هذه المناطق، هي الدجيل، المجاورة ليثرب، ولا تسمح المليشيات فيها بعودة النازحين إلى القرى المحيطة بالبلدة، بحجة الخشية من تحرك الخلايا النائمة في هذه المناطق، لإسقاط مركز البلدة ذات الغالبية الطائفية الواحدة.
سادس هذه المناطق، هي مدينة سليمان بك، بين صلاح الدين وكركوك، ولا يزال عشرات الآلاف من نازحيها ممنوعين من العودة، بسبب السيطرة الكاملة لمليشيا "بدر". ولا تسمح المليشيا لسكان القرى المجاورة للبلدة بتجديد بطاقات هوياتهم أو الحصول على بطاقات هوية جديدة.
سابع هذه المناطق، هي بيجي في شمال محافظة صلاح الدين، التي مرّ نحو عام ونصف العام على استعادتها من "داعش"، لكن مليشيا "الحشد الشعبي" تمنع سكانها النازحين من العودة، على الرغم من توجيه الحكومة أكثر من مرة بضرورة الإسراع بإعادة النازحين. وقال مسؤولون محليون إن "بيجي تشهد عمليات سلب ونهب مستمرة لممتلكات المدنيين النازحين، فضلاً عن سرقة محتويات المصفى النفطي في البلدة، ونقلها إلى إيران من خلال شاحنات تابعة لـ "الحشد".
ثامن هذه المناطق هي محافظة ديالى، التي تسيطر مليشيا "الحشد" على بلدات متفرقة فيها، أبرزها العظيم والمقدادية وقرى المخيسة وبلدات تابعة لمدن السعدية وجلواء وناحية منصورية الجبل. وتمنع عودة أهلها إليها بعد فرارهم من معارك المليشيات مع الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم "داعش". وشنّت المليشيات حملات خطف وقتل واسعة أدت إلى خلو المدينة من أهلها. ولا يسمح "الحشد الشعبي" لغاية الآن لآلاف النازحين بالعودة، بحجة الاشتباه بانتمائهم لـ"داعش". وتضاف إلى تلك المدن والبلدات الرئيسة مناطق أخرى كالعوجة وعزيز بلد والصينية وتل الذهب والرواشدة والعانيين في شمال وشمال غرب العراق.
ولخّص أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين أحمد عبد الله لـ"العربي الجديد"، ما يجري بالقول إن "الحكومة حالياً غير قادرة على طرد المليشيات أو فرض سلطتها على بعض العشائر، لذا تفضل بقاء عشرات آلاف العائلات في المخيمات، على أن تعكّر علاقاتها مع المليشيات أو تفتح جبهة عليها من العشائر المتنفذة، التي قد تكون مفتاحا انتخابيا لرئيس الحكومة حيدر العبادي أو غيره". وأضاف أن "الأمم المتحدة متهمة بالنفاق وعدم الجدية في التحرك، بل والتغاضي عن ملف إنساني مهم يتعلق بحياة ووضع ما لا يقل عن نصف مليون مدني".
اقــرأ أيضاً
واتهمت جهات سياسية عراقية "الحشد الشعبي" بمنع سكان هذه المناطق من العودة بهدف إجراء تغيير ديمغرافي عليها، واستبدال سكانها الأصليين بآخرين، إلا أن المليشيات تذرّعت بأن تلك المناطق لا تصلح لعودة أهلها بسبب مخلفات "داعش" من ألغام وعبوات ناسفة، وفي بعض الأحيان تحدثت عما سمّته أمراضا معدية فيها، فيما وضعت بعض العشائر شروطاً وفرضت غرامات مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار، يدفعها أهل المدينة لعودة سكانها في صورة توضح ضعف الحكومة في بغداد وانعدام تطبيق القانون.
وبلدة جرف الصخر، شمال بابل، إحدى أقدم المدن المحررة في العراق من سيطرة تنظيم "داعش" عليها، وتمّت استعادتها من قبل المليشيات والحرس الثوري الإيراني ووحدات من الجيش العراقي في ديسمبر/كانون الأول عام 2014. ويوم الأربعاء أمهل مجلس محافظة صلاح الدين شمال العراق، الحكومة في بغداد حتى منتصف فبراير/شباط المقبل لإعادة السكان إلى المناطق المحررة التي يمنع أهلها من دخولها حتى الآن.
واتهم نائب الرئيس العراقي، رئيس ائتلاف "متحدون" أسامة النجيفي، من وصفها "مليشيات مسلحة خارجة على القانون تتحدى الدولة وتمنع النازحين من العودة إلى منازلهم، في مناطق جرف الصخر وديالى ويثرب وحزام بغداد ومناطق أخرى". وشدّد في تصريحات سابقة على "ضرورة إلزام الحكومة المليشيات المسلحة بإخلاء هذه المناطق، وعلى رفض أي تغيير ديمغرافي في أي منطقة عراقية"، مشيراً إلى أن "عودة النازحين حق مشروع".
من جهته، طالب عضو البرلمان العراقي أحمد السلماني في بيان له رئيس الوزراء حيدر العبادي، بتوضيح أسباب عدم السماح بعودة السكان إلى بلدة جرف الصخر وبلدات أخرى على الرغم من استعادتها من "داعش"، محمّلاً إياه المسؤولية عن "المأساة الإنسانية" التي يعيشها نحو 120 ألف شخص من جرف الصخر.
وتُعدّ ثماني مناطق عراقية الأبرز على قائمة المنع التي تفرضها المليشيات وبضع عشائر، وتجبر سكانها على البقاء في مخيمات بأوضاع مأساوية، قضى بسببها عدد منهم وفقاً لمنظمات عراقية وأممية تؤكد أن سوء التغذية والبرد الشديد أوديا بحياة عدد منهم.
أولى هذه المناطق هي جرف الصخر، التي تقع شمال محافظة بابل (100 كلم جنوب بغداد)، سقطت بيد "داعش" بعد احتلاله الموصل منتصف عام 2014. وتمكنت مليشيا "الحشد الشعبي"، تساندها وحدات الحرس الثوري الإيراني وقطعات عسكرية عراقية من السيطرة عليها نهاية العام ذاته. ولم يسمح لسكان البلدة بالعودة على الرغم من مرور ثلاث سنوات على استعادتها، بحجة تطهيرها من العبوات الناسفة. وقال سكان نزحوا من جرف الصخر لـ "العربي الجديد"، إن "البلدة تتعرض لتغيير ديمغرافي غير مسبوق". وأشاروا إلى "قيام عناصر مليشيا الحشد الشعبي، باستقدام أسرهم، وتوطينهم في جرف الصخر"، لافتين إلى "تواطؤ دائرة التسجيل العقاري في بابل مع المليشيا، بعد أن سجلت مساحات كبيرة من الأراضي بأسماء أقارب لعناصر في المليشيا".
ثالث هذه المناطق، هي مدينة سبع البور، الواقعة في الأطراف الشمالية لبغداد. وقد شهدت منتصف عام 2014 معارك عنيفة بين القوات العراقية، وعناصر من تنظيم "داعش"، حاولوا شن هجمات على العاصمة. ما تسبّب بتهجير الآلاف من سكانها الذين ينحدر أغلبهم من محافظة الأنبار المجاورة، ولم يسمح لهم بالعودة لغاية الآن، بسبب سيطرة المليشيات على المنطقة.
رابع هذه المناطق هي يثرب، الواقعة جنوب محافظة صلاح الدين (شمالاً)، وسقطت بيد "داعش" في يونيو/ حزيران 2014، قبل أن تتمكن القوات العراقية ومليشيا "الحشد الشعبي" من استعادتها مطلع عام 2015. تعرّض سكانها بعد ذلك إلى حملة تهجير واسعة، ولا تسمح بعض العشائر التي تساندها المليشيات بعودة نازحي المنطقة، وطالبتهم بدفع مبالغ مالية تصل إلى 6 مليارات دينار عراقي (ما يعادل خمسة ملايين دولار) كتعويض عن قتلى المليشيات خلال المعارك مع "داعش".
خامس هذه المناطق، هي الدجيل، المجاورة ليثرب، ولا تسمح المليشيات فيها بعودة النازحين إلى القرى المحيطة بالبلدة، بحجة الخشية من تحرك الخلايا النائمة في هذه المناطق، لإسقاط مركز البلدة ذات الغالبية الطائفية الواحدة.
سادس هذه المناطق، هي مدينة سليمان بك، بين صلاح الدين وكركوك، ولا يزال عشرات الآلاف من نازحيها ممنوعين من العودة، بسبب السيطرة الكاملة لمليشيا "بدر". ولا تسمح المليشيا لسكان القرى المجاورة للبلدة بتجديد بطاقات هوياتهم أو الحصول على بطاقات هوية جديدة.
سابع هذه المناطق، هي بيجي في شمال محافظة صلاح الدين، التي مرّ نحو عام ونصف العام على استعادتها من "داعش"، لكن مليشيا "الحشد الشعبي" تمنع سكانها النازحين من العودة، على الرغم من توجيه الحكومة أكثر من مرة بضرورة الإسراع بإعادة النازحين. وقال مسؤولون محليون إن "بيجي تشهد عمليات سلب ونهب مستمرة لممتلكات المدنيين النازحين، فضلاً عن سرقة محتويات المصفى النفطي في البلدة، ونقلها إلى إيران من خلال شاحنات تابعة لـ "الحشد".
ولخّص أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين أحمد عبد الله لـ"العربي الجديد"، ما يجري بالقول إن "الحكومة حالياً غير قادرة على طرد المليشيات أو فرض سلطتها على بعض العشائر، لذا تفضل بقاء عشرات آلاف العائلات في المخيمات، على أن تعكّر علاقاتها مع المليشيات أو تفتح جبهة عليها من العشائر المتنفذة، التي قد تكون مفتاحا انتخابيا لرئيس الحكومة حيدر العبادي أو غيره". وأضاف أن "الأمم المتحدة متهمة بالنفاق وعدم الجدية في التحرك، بل والتغاضي عن ملف إنساني مهم يتعلق بحياة ووضع ما لا يقل عن نصف مليون مدني".