5 تريليونات دولار من مجموعة العشرين لإغاثة اقتصاد العالم

26 مارس 2020
أول اجتماع افتراضي لمجموعة العشرين في تاريخها (فرانس برس)
+ الخط -
قرر قادة "مجموعة العشرين" G20 ضخّ 5 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي لإنقاذه من تداعيات انتشار فيروس كورونا المسبب لمرض "كوفيد-19"، وذلك بعد قمة افتراضية عقدوها اليوم، كُلٌّ من مقرّه، وكلفوا وزراء التجارة تقييم آثار وباء كورونا على التجارة، مجددين التزامهم الأسواق المفتوحة.

وقال زعماء المجموعة إن الإجراءات الطارئة الهادفة إلى حماية الصحة ستكون محددة الأهداف ومتناسبة وشفافة ومؤقتة، مؤكدين أن المجموعة ستعمل على دعم الدول النامية "بقوة" لمواجهة آثار الفيروس.

وطلب صندوق النقد الدولي اليوم من زعماء المجموعة مساندة مضاعفة قدراته للتمويل الطارئ لتعزيز استجابته للانتشار السريع لكورونا الذي من المنتظر أن يسبب ركوداً عالمياً في 2020.

وفي بيان إلى زعماء أكبر 20 اقتصاداً في العالم، قالت كريستالينا جورجيفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد، إن عمق الانكماش الاقتصادي وسرعة التعافي يعتمدان على احتواء الوباء "ومدى قوة وتنسيق إجراءات سياساتنا النقدية والمالية".
وأضافت أن من المهم للغاية دعم الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية التي تضررت بشدة على نحو خاص من الأزمة والتوقفات الاقتصادية المفاجئة وهروب رؤوس الأموال، وانخفاضات حادة في أسعار السلع الأساسية.

وتخللت القمة دعوة الرئيس الصيني شي جينبينغ دول المجموعة إلى خفض رسومها الجمركية، ورفع الحواجز (الجمركية) لتسهيل التدفقات التجارية"، حسبما نقلت وكالة رويترز.

مطالبة بدعم قطاع الطيران

وحثّ الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) اليوم الخميس، مجموعة العشرين، على التحرك سريعاً لمنع إلحاق أضرار لا يمكن التعافي منها بشركات الطيران التي هزتها أزمة فيروس كورونا.

وفي رسالة مفتوحة، طلبت أكبر هيئة لقطاع الطيران في العالم من الحكومات تقديم أو تسهيل دعم مالي لتلك الصناعة. وكتب ألكسندر دي جونياك، الرئيس التنفيذي لإياتا في الرسالة: "انتشار وباء كوفيد-19 حول العالم وما نجم عنه من فرض حكومات إغلاقات للحدود وقيوداً على السفر أدى إلى تدمير الطلب على السفر جواً".

ظروف الاقتصاد العالمي

وتأتي هذه القمة بعدما أدى تفشي فيروس كورونا الجديد وعزل ملايين الأشخاص، خلال أسابيع، إلى إضعاف الاقتصاد العالمي إلى درجة أن خبراء الاقتصاد يتوقعون أعنف انكماش في التاريخ الحديث، وقد يكون أسوأ من "الانهيار الكبير".

ويتوقع أن يواكب ذلك ارتفاع في معدل البطالة. وسيكون حجم الصدمة مرتبطاً بأساليب العلاج التي تتبعها الحكومات والمصارف المركزية والمؤسسات الدولية، وبمدة الأزمة الصحية.

انكماش أم كساد؟

ويتوقع خبراء الاقتصاد في وكالة موديز للتصنيف الائتماني أن "تواجه اقتصادات دول مجموعة العشرين الصدمة في الجزء الأول من العام وتسجل انكماشاً في 2020 قبل أن تسجل ارتفاعاً من جديد في 2021".

وقال الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أنخيل غوريا لشبكة "بي.بي.سي" إنه يتوقع أن يعاني الاقتصاد العالمي "لسنوات".

وتبدو الأزمة الحالية أقسى من تلك التي حدثت في 2008، لأنها لا تطاول القطاع المالي فقط، بل جزءاً من الاقتصاد الحقيقي أيضاً، مع انهيار الإنتاج وبالتالي العرض، وكذلك الطلب بسبب العزل المفروض على ملايين الأشخاص، وفقاً لفرانس برس.

والنقل والسياحة والتوزيع كلها قطاعات منكوبة، لكن قطاعات أخرى وضعها أفضل مثل الصيدلة والصناعات المرتبطة بالمعدات والمنتجات الصحية والتجارة الإلكترونية للمواد الغذائية.

ويفترض أن تشهد دول مجموعة العشرين مجتمعة انكماشاً نسبته 0.5% في إجمالي الناتج الخام هذه السنة، حسب وكالة موديز.

في الولايات المتحدة سيبلغ هذا الانكماش -2%، وفي الاتحاد الأوروبي -2.2%. وتضيف موديز أن نمو الصين سيبلغ 3.3%، وهي وتيرة ضعيفة جداً لهذا البلد.

وتتوقع مجموعة موديز المصرفية للولايات المتحدة انكماشاً نسبته 3.8% في 2020 بينما يرى "دويتشه بانك" أنه أسوأ انكماش للاقتصاد الأميركي منذ "الحرب العالمية الثانية على الأقل".

في أوروبا، تحدث وزير الاقتصاد الألماني عن انكماش "لا يقلّ" عن 5% في 2020 في ألمانيا وفرنسا، بينما تتوقع وكالة موديز نسبة 1.4%.

ويتحدث نونو فرنانديز، الأستاذ في جامعة "آي.اي.إس.اي بزنس سكول"، عن انكماش نسبته -2% في 2020 وفق سيناريو يعتمد على انتهاء الأزمة الصحية في نهاية يونيو/ حزيران.

وبالنسبة إلى المملكة المتحدة، تتوقع مجموعة "كي.بي.إم.جي" تراجعاً أكبر يبلغ 2.6%، ويمكن أن يبلغ الضعف إذا استمر الوباء حتى نهاية الصيف.

استفحال البطالة

في منطقة اليورو التي تمتلك تشريعات للعمل أكثر حماية، يتوقع مكتب "كابيتا ايكونوميكس" ارتفاعاً في معدل البطالة بنسبة 12% بحلول نهاية يونيو/ حزيران "ما يسقط 7 سنوات من المكاسب في هذا المجال"، وإن كان سيُسجل تحسن في النصف الثاني من العام.

في بريطانيا والولايات المتحدة يبلغ معدل البطالة مستويات منخفضة تاريخياً بفضل ارتفاع عدد الوظائف الهشة في إطار "أعمال صغيرة".

وفي الولايات المتحدة حيث يمكن تسريح الموظفين الذين لديهم عقود طويلة الأمد، أعلنت وزارة العمل الخميس تقدّم 3.3 ملايين شخص بأول طلبات تعويضات البطالة المسجلة، وذلك للأسبوع الممتد بين 15 و21 مارس/ آذار وبارتفاع 3 ملايين طلب عن الأسبوع السابق الذي سجّل نحو 282 ألف طلب جديد.

ويُعد هذا الرقم غير مسبوق في الولايات المتحدة. حتى إنّ جيمس بولارد، رئيس المصرف المركزي في سانت لويس، صرح في مقابلة مع وكالة "بلومبيرغ للأخبار المالية بأن معدل البطالة قد يرتفع إلى 30% في الأشهر المقبلة.

تقديرات منظمة العمل الدولية

واليوم الخميس، قال مسؤول بارز في منظمة العمل الدولية إن عدد الوظائف التي خسرها العالم بسبب أزمة فيروس كورونا قد تكون "أعلى إلى حد كبير" من رقم 25 مليون التي وردت في تقديرات أصدرتها المنظمة قبل أسبوع فقط.

وأبلغ سانجيون لي، مدير إدارة سياسة التوظيف بمنظمة العمل الدولية، وكالة رويترز في جنيف، بأن نطاق البطالة المؤقتة والاستغناءات عن العمال وعدد من تقدموا بطلبات للحصول على إعانة بطالة أعلى بكثير من التوقعات الأولية.


مخاوف التضخم

ويثير وباء كورونا الجديد الكثير من الشكوك حول تغير الأسعار بين مخاطر كساد اقتصادي وانكماش إذا انهار الطلب لفترة طويلة، لكن مع الضغط التضخمي إذا خُفِّضَت أسعار العملات أو حدثت أزمات نقص في المواد. وتعدّ معدلات التضخم منخفضة حالياً وبعيدة بشكل عام عن أهداف المصارف المركزية، وخصوصاً في المملكة المتحدة.

أزمة ديون

في المملكة المتحدة، يوضح كارل إيمرسون، من معهد الدراسات، الضريبية لوكالة فرانس برس، أن الدين الذي يشكل نحو 90% من إجمالي الناتج الداخلي مرتفع حالياً، لكنه "بلغ نحو 260% بعد الحرب العالمية الثانية".

أما عجز الحسابات العامة، فكان منذ فترة غير بعيدة يبلغ 2%، وهو ما جعله المحافظون قاعدة في ميزانيتهم، وارتفع إلى 10% خلال الأزمة المالية في 2008.

ويفترض أن يشكل الدين والعجز أصغر هموم المسؤولين، بينما معدلات التمويل منخفضة تاريخياً، على حد قول جوناثان بورت، أستاذ الاقتصاد في جامعة "كينغز كوليدج" في لندن، رداً على سؤال لفرانس برس. لكن من واشنطن إلى برلين، يبدو أن السلطات تغضّ النظر عن السياسات المتشددة حيال ضبط الميزانية عبر إعلان خطط إنعاش قيمتها آلاف المليارات من الدولارات.

وانضم نوريال روبيني، الاقتصادي الذي كان توقع حدوث أزمة 2008، إلى الرأي القائل بضرورة تعزيز الدول والحكومات التدابير الصحية، وأيضاً الدعم المباشر لمن فقدوا أعمالهم أو عائداتهم خشية الوصول إلى "كساد كبير جديد، أسوأ" من كساد الثلاثينيات، وذلك في مقالة في ذي غارديان البريطانية.

المساهمون